وجهة نظر … أثرياء كرة القدم: لا نحبهم ولكن لا يمكن أن نعيش دونهم!
“أين كنتم عندما كنتم سيئين؟” أغنية ترددها جماهير معظم الأندية الإنجليزية على مسامع جماهير تشيلسي ومانشستر سيتي. الناديين أصبحا الناديين الأكثر كرهاً بين الجماهير الحيادية في إنجلترا والعالم أجمع بسبب تمتعهم بالدعم المالي المطلق من رومان أبراموفيش والعائلة الحاكمة لإماراة أبو ظبي على التوالي. لكن نظرةً أكثر حيادية إلى موضوع إمتلاك الأثرياء لكرة القدم توضح لنا أن هذه الظاهرة قد تكون ضرورية لكرة القدم بالرغم من أن معظمنا لا يطيقها.
في البداية علينا أن ننظر إلى السبب الذي يدفع رجلاً كرومان أبراموفيش إلى إستثمار ملايينه في تجارة كرة القدم المجنونة والتي غالباً ما تكون تجارة خاسرة. نعم ! فبالرغم من العنواين الصحفية التي نقرأها غالباً كـ”أرباح قياسية للنادي الفلاني” و “النادي الفلاني أكبر علامة تجارية في كرة القدم” لكننا إذا قارنا أرباح أندية كرة القدم بأرباح الشركات الكبرى في العالم (وهي الشركات التي يجني منها ملاك كرة القدم أموالهم) فإنها لن تشكل نقطة في بحرها. الأسباب التي تدفع ببعض من أغنى أغنياء العالم لإستثمار أموالهم في أندية كرة القدم تتعلق بالسمعة والتغطية الإعلامية بالمقام الأول. فكم منا كان ليعرف إسم رجل أعمال اسباني يدعى فلورنتينو بيريز لو لم يكن صاحب مشروع الجالاكتيكوس. وحتى أسماء العائلة الحاكمة لإمارة أبو ظبي لم تكن معروفة لمعظم المشجعين العرب قبل تملكهم لنادي مانشستر سيتي.
هذه الأسباب قد لا تكون مقنعة لمعظم مشجعي كرة القدم لتبريرظاهرة الملاك الأغنياء في كرة القدم، لكن أثر هذه الظاهرة يجب أن يكون أكثر إقناعاً. إختلاف كرة القدم الأساسي عن معظم الصناعات الاخرى هي أن جماهير كرة القدم، بعكس زبائن الصناعات الاخرى، لا تغير إنتمائها لأن نادياً منافساً أصبح يبيع التذاكر بسعر أقل. لذلك فإن الأندية التقليلدية العريقة غالباً ما تملك أفضلية تاريخية وتجارية على الأندية الاخرى. مما يعني أن نادياً بحجم مانشستر يونايتد كان ربما ليفوز بالألقاب الخمسة التي فاز بها تشيلسي ومانشستر سيتي في السنوات الأخيرة. وذلك لإمتلاكه قاعدة جماهيرية عريضة تمكنه بالمقابل من إمتلاك واحدة من أقوى العلامات التجارية في عالم كرة القدم وبالتالي فإنه كان الأكثر إستقراراً مالياً بين أندية البريميرليج.
زعزعة نجاح نادي كرة قدم عريق ليست بسهولة زعزعة منافس تجاري. وبالتالي، فإن عدم وجود هؤلاء الأثرياء كان سيعني إقتصار المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي على ناديين أو ثلاثة. حتى ميلان العظيم، والذي بناه أريجو ساكي في بداية التسعينيات، لم يكن ممكناً دون أموال سيلفيو بيرليسكوني التي أتاحت لساكي جلب أفضل لاعبي تلك الفترة كماركو فان باستن وفرانك ريكارد. حتى الدوري الألماني والذي تعود ملكية معظم أنديته إلى جماهيرها، تحت قاعدة “50+1″، فإنه يشهد سيطرة شبه مطلقة من بايرن ميونخ والذي تعود 49% من ملكيته لشكرتي أودي وأديداس. وباستثناء بروسيا دورتموند، فإن الناديين الوحيدين القادرين على تهديد بايرن ميونخ حالياً هما فولسبورج وباير ليفركوزن والذين تعود ملكيتهما لشركات خاصة.
حالة الركود في المنافسة على الساحة الأوروبية، والتي قد تسيطرت على الساحة الأوربية، كانت لتجعل الأندية الأوروبية الكبرى تفكر في تأسيس دوري منفصل تتنافس فيه ضد بعدها البعض بدلاً وتكسب فيه أموال أكثر من عائدات النقل التلفزيوني بدلاً من إضاعة وقتها في دوريات وطنية مملة. المقصد هنا ليس مديح الملاك الأثرياء بشكل مطلق، بل تسليط الضوء على الدور الإيجابي التي تلعبه أموالهم في تجديد دماء كرة القدم ودفعها إلى الأمام من الناحية الإقتصادية.
حالة الكره التي تظهرها الجماهير لأندية تشيلسي ومانشستر سيتي وإن بدت مبررة من الناحية العاطفية، لكنها تبدو غريبة من الناحية العقلانية. حيث أن معظم الأندية اليوم مملوكة لمستثمرين أجانب، سواء في البريميرليج أو خارجه. لكننا لم نجد أحداً ينتقد إمتلاك رجل الأعمال التايلاندي فيشاي سريفاداهنابا لليستر سيتي، أو جيمس بالوتا لروما أو غيرهم. فالملاك الأثرياء لا ينتقدون سوى إن فازوا بشيء ما. مما يطرح سؤالاً مهماً: هل نفضل أن تبقى الأندية التاريخية مسيطرة على كرة القدم الأوروبية بشكل شبه مطلق، أم أننا سنتعلم أن نتكيف على مضض مع ضرورة وجود ملاك أثرياء لتجديد المنافسة في كرة القدم؟