فضائح

جرائم التشجيع…؟

منذ يوم الخميس الماضي، أصبح حديث الناس في سيارات الأجرة والأسواق والمقاهي وكل الأماكن العمومية في العاصمة الرباط يرتكز على الأحداث الخطيرة التي عاشتها شوارع الرباط زوال ومساء الأربعاء عقب مباراة الوداد والجيش.
هيمنة هذه الأحداث التي أسقطت ضحيتين نبعت من المخاوف على الذات والحياة. فليس هينا أن تسمع أن سائق حافلة كانت رقبته تحت رحمة سلاح أبيض وتم إرغامه على الاصطدام بسيارة صطافيط تقل مشجعين وداديين عائدين نحو الدار البيضاء.
وهو ما أدى إلى انقلاب السيارة ووفاة شخصين وإصابة آخرين بإصابات متفاوتة في خطورتها.
بالنسبة لسكان الرباط، كان الانتقاد والتنديد سيدا الموقف، حيث كان كل من يتلقى هذه الأنباء أو يثيرها في حديثه يصف الوضع بالسيبة والفوضى ويجرد هذه الوقائع من طابع الرياضة والتشجيع ومؤازرة فريق أو نادي، بل تم اعتبار هذه الأحداث حرب عصابات وجرائم في حق الممتلكات وفي حق الأفراد، على اعتبار أنها مست الأمن العام وارتكبت بعيدا عن محيط الملعب، وعلى الطريق، وفي فضاء (الحافلة) يضم الصغير والمرأة والشيخ والمريض.
وقبل أحداث الأربعاء الماضي سبقت بأيام مواجهات مماثلة بمناسبة مباراة اتحاد الخميسات وجمعية سلا، كان من نتائجها اعتقال 75 شخصا ضمنهم قاصرون، وحسب مصادر فإن عناصر من الأمن كانت ضحية هذه الأحداث ولحقتها إصابات، وفي هذا الإطار أصدرت النيابة العامة ضد أحد الأشخاص حكما بأداء 15 ألف درهم كتعويض لعنصر من القوات المساعدة على مصاريف الاستشفاء فضلا عن العقوبات الأخرى الحبسية.
وبالنسبة للشغب فقد تجندت القطاعات الوزارية المعنية وعلى رأسها وزارة الداخلية إلى إقرار إجراءات كرد فعل على تفاقم الشغب من قبيل التهديد بحل الجمعيات الرياضية وتشديد العقوبات ضد مثيري الشغب وتثبيت الكاميرات في الملعب، لكن اتضح لاحقا أن التحدي ضد الأمن زاد من درجته حيث يعمد من يسمون أنفسهم مشجعين إلى الابتعاد عن محيط الملاعب حيث تكون يقظة الأمن أقل لارتكاب أفعال التخريب والاعتداء. وبالتالي فإن إجراءات الداخلية والعدل بناء على هذه النتائج والاعتقالات بالعشرات، تؤكد قصورها في معالجة الظاهرة.
أما على مستوى الدار البيضاء فقد أفادت مصادر من مصالح الأمن أنه تم اعتراض سبيل سيارة من الحجم الكبير تقل 18 شخصا بمنطقة البرنوصي وبداخلها سواطير وسكاكين ورجحت مصالح الأمن أنهم كانوا متجهين نحو الرباط لارتكاب أفعال تخريب، حيث تم اعتقالهم ومباشرة التحريات في هذا الاتجاه.
أما في الرباط، فلا تزال الأنباء متضاربة حول حادث اصطدام الحافلة بسيارة مشجعي الوداد، وحسب ما توصلت به النخبة أنفو من أخبار فإن سائق الحافلة تعرض لضربة بآلة حادة على مستوى اليد وبعد ذلك تم الاستيلاء على المقود وتحريف وجهة الحافلة في اتجاه السيارة، ما حصل على إثره اصطدام خطير أودى بحياة شخصين من المشجعين البيضاويين.
هذه الأسباب وغيرها هي التي أسقطت عنها الصلة بالرياضة والشغب، وتجعلها مرتبطة بالمساس بالأمن والجرم المقصود الذي ينبغي استئصاله بالردع.
فالمباريات أضحت ذريعة لاستعراض القوة وشحذ السكاكين والتصفية البدنية والانتقام، وكأننا أمام حرب عصابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى