تحية لاسود الاطلس.. بعثتم الفرحة والامل في نفوسنا
قُدِّر لنَا أن نُجافيَ طعم السرور لأكثر من 13 سنة، وَنعتزل الحلم ونُعرض عن الطُّموح. هي مُدَّةٌ مضت كأنها دَهرٌ بعشرات العقود، تجرَّعنا فيها العُلقم والمرارة، وتخبطت فيها كرتنا الوطنية في مستنقع النكسات والنكبات، حتى جاء اليوم لتَدُبَّ فيه النشوة والبهجة في أوصال الجماهير المغربية، ويَنْفُثَ “الأسود” في نفوسنا جرعات من الأمل.
إننا اليوم مُفعمون بالإيجابية، ونفوسنا تهفو إلى كل ما هو ناصع وتتحاشى كل قاتِمٍ؛ فلا مجال في هذه اللحظة لجرد السلبيات، وعدِّ الشوائب التي تُلازم الكرة المغربية، وما أكثرها، بل ما علينا سوى الاستكانة لأجواء السعادة التي نسجها الثعلب الفرنسي، هيرفي رونار ورجاله.
قد يؤاخذ البعض على “أسود الأطلس” المردود الدفاعي الذي قدَّموه في بعض مجريات المباريات الثلاث، ويعاتبون بعض الانزلاقات التي طبعت أداء القائد المهدي بنعطية، لكن ما يُجمعُ عليها المحللون والمتتبعون والجماهير والأنصار هي تلك الروح العالية التي حرَّكت اللاعبين على أرضية الملعب وجعلت منهم شعلة نشاط لا تكف عن إنارة طريقهم صوب قلوب المشجعين.
إن “الغرينتا” التي بدت جلية على شخصية مبارك بوصوفة وزملائه في اللقاءات الثلاثة تُعد لوحدها مصدر فخر وغبطة، بالنسبة لي على الأقل، ونحن الذين دأبنا على مشاهدة لاعبين تعوزهم الروح ويفتقدون لنزعة القتالية والاستماتة في الذود عن علم بلدهم أمام الخصوم.
يجدر الاعتراف بأن المدرب الفرنسي، هيرفي رونار أجاد العزف على الوتر الذهني والنفسي للاعبيه، وأدرك المسالك التي تُفضي به رأسا إلى ملامسة أعماقهم وشحذ هممهم، حتى صاروا أسوداً بالمعنى اللغوي والاصطلاحي للكلمة على البساط الأخضر.
تلك الشراسة والاندفاع الذي اتسم به مردود اللاعبين المغاربة كافٍ ليبعث فينا الأمل من جديد، ويؤكد لنا أن “رجالا” مضوا إلى الغابون من أجل الدفاع عن القميص الوطني. وما نتيجة العبور إلى دور الثمانية إلا مُكافأة وجزاء لرجال “الثعلب” على تفانيهم ومثابرتهم داخل الملعب