ارفعوا رؤوسكم إنكم أبطال ياأسود…
الأكيد أن اعتراف النجم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، خلال الندوة الصحافية التي تلت مباراة المغرب والبرتغال بقوة المنتخب المغربي، حيث أكد أن المستوى الذي ظهر به الأسود فاجأ لاعبي المنتخب البرتغالي بشكل كبير.
نجم ريال مدريد أوضح أن منتخبه وجد صعوبات كبيرة وعانى الأمرين لحسم المباراة لصالحه، في ظل الشراسة الكبيرة التي أظهرها المنتخب المغربي الذي كان يلعب آخر أوراقة من أجل تجنب الخروج من الدور الأول…تصريح تستشف منه قوة المنتخب المغربي وصلابته واستماتته وروحه المشبعة بالوطنية …وأقول لهم ارفعوا رؤوسكم فانتم أبطال وشموخكم ونضالكم في الملعب شهد به العالم …
ولو كان الاتحاد الدولي لكرة القدم يقدِّم جائزة تحت اسم “منعدم الحظ” خلال نهائيات كأس العالم 2018 الجارية في روسيا فإن المنتخب المغربي قد حسم لقبها بالفعل.
في بعض الأوقات، لا يمكنك أن تلوم المدرب أو اللاعبين؛ بل عليك أن تلقي اللوم على “الجلدة الملعونة”. فقد لعب المنتخب المغربي 180 دقيقة على مدى مباراتين، ربما هما الأفضل لأي منتخب حتى اللحظة، لكن رغم ذلك خسر “أُسود الأطلس” كلتا المباراتين بالنتيجة ذاتها 0-1 وبالسيناريو نفسه تقريباً.
يستحوذ المنتخب المغربي على الكرة، يقوم ببناء اللعب بطريقة سلسة، يحاصر الخصم في مناطقه، يقترب من منطقة الخطر، يدخل بالفعل إليها، ثم يغيب الحظ والتوفيق عن اللاعبين أمام المرمى، فيطيحون بالكرات واحدة تلو الأخرى بعيداً عن المرمى.
بعد المباراة الأولى، كان يمكن تفسير ذلك باعتباره رعونة وتهاوناً أو ثقة زائدة، لكن بعد المباراة الأخيرة أمام المنتخب البرتغالي فلا يمكن نسب هذه الخسارة “المُرة” إلا إلى الحظ. فقد أدارت كرة القدم ظهرها للمغاربة وأخرجتهم من المونديال دون وجه حق.
وهذا ما أشار إليه رونارد بعد المباراة قائلاً، “أنا راضٍ تماماً عن الأداء، ولا أشعر بخيبة الأمل. فخور باللاعبين والفريق والمغرب. أنا فخور بالجميع. هناك أمور خارجة عن الإرادة أو السيطرة”.
نعم جرأة وشجاعة قلما تلعب بها المنتخبات العربية في نهائيات كأس العالم، بدأ المنتخب المغربي مباراته أمام أبطال مستحوذاً ومهاجماً منذ الدقيقة الأولى.
بدأ المغاربة ووضعوا البرتغاليين تحت الضغط حتى بعد أن جاء الهدف البرتغالي المبكر عن طريق رأسية كريستيانو رونالدو في الدقائق الخمس الأولى، امتص المغربيون الصدمة بسرعة فائقة، واستمروا في بناء اللعب بثقة وجودة فريدة من نوعها، مستغلين قدرات نور الدين إمرابط على الطرف الأيمن وحكيم زياش على الطرف الأيسر.
استطاع إمرابط اختراق الجبهة اليسرى للمنتخب ومراوغة الظهير الأيسر رفائيل غيريرو 5 مرات بالتمام والكمال، مرسلاً العديد من الكرات العرضية الخطرة. على الجهة الأخرى، كان حكيم زياش يمارس الفعل نفسه ويمرر ويصنع ويصوِّب، إلا أن روي باتريسيو، حارس المرمى البرتغالي، وقف بالمرصاد للمحاولات كافة.
في وسط الميدان، كان كريم الأحمدي ومبارك بوصوفة، مع مساندة بلهندة، قادرِين على السيطرة على منطقة نصف الملعب، ما جعل جواو موتينيو وجواو ماريو بفقدان السيطرة على الأمور، وهو ما أعطى الأفضلية للمغاربة، الذين كانوا قاب قوسين أو أدنى من إدراك التعادل. إلا أن المهاجم خالد بوطيب وقلب الدفاع مهدي بن عطية أضاعا 5 فرص محققة للتسجيل بشكل غريب!
في الدفاع، لم يخطئ الأسود سوى مرتين، لكنَّ واحدة منهما كلَّفت النقاط الثلاث عندما أفلت رونالدو ببراعة في منطقة الجزاء وحوَّل الركلة الركنية إلى هدف. فيما عدا ذلك، لم يهدد المنتخب البرتغالي المرمى المغربي؛ بل بدا مثل فريق صغير يدافع بلاعبيه كافة من أجل الحفاظ على الهدف دون أي رغبة حقيقية في الهجوم.
تفوق المنتخب المغربي الساحق في كل النواحي الفنية والخططية والفردية خلال المباراة، وبفارق كبير عن نظيره البرتغالي الذي لم يجد مفراً من الحصار المغربي الذي دام 90 دقيقة كاملة.
وبمقارنتها مع المنتخب البرتغالي سنجد فرقاً واضحاً في أرقام وإحصائيات اللاعبين، تدل على أفضلية المنتخب المغربي طوال ال90 دقيقة.
لقد تحلّى “أُسود الأطلس” بالجرأة والمغامرة بشكل يُحسدون عليه، وفرضوا شخصيتهم الكروية على المنتخب البرتغالي منذ الدقيقة الأولى، كما قال رونارد “تحلّينا بالجرأة ولعبنا بطريقة هجومية، وجازفنا وخاطرنا ولم ننل نتيجة. كنا نشعر بحماسة المشجعين وكأننا في الدار البيضاء بينما نحن بموسكو”.
وعلى الجمهور المغربي في كل مكان أن يرفع رأسه عالياً بعد ما قدَّمه فريقه في روسيا، فكُرة القدم تُلعب من أجل المتعة قبل كل شيء، والمنتخب المغربي واحد من الفرق التي قدمت هذه المتعة بشكل استثنائي في البطولة…فهنيئا لنا بالجماهير المغربية الرائعة…وهنيئا لنا بأسودنا الأشاوس…