مداهمات لمقر النادي ومصادرة وثائق واعتقال بارتوميو ومسؤولين آخرين
زاد القضاء من معاناة برشلونة، بعد مداهمة مقر النادي الكاتالوني، الاثنين الماضي، مصادرا بعض الوثائق والمعدات، كما اعتقل الرئيس السابق المستقيل، جوسيب بارتوميو، والمدير العام أوسكار غراو، ورومان غوميس المسؤول القضائي للنادي، في إطار التحقيق في قضية تشويه صورة نجوم الفريق وبعض معارضيه أخيرا، فيما عرف ب»بارصا غايت».
وتأتي هذه الاعتقالات قبل خمسة أيام من انتخابات الرئاسة، وبعد أسابيع من اتهام نجم الفريق ليونيل ميسي لبارتوميو بالوقوف وراء الحسابات المجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تسعى لتشويه صورة نجوم الفريق ومعارضي الرئيس وبعض المرشحين للرئاسة.
ويتهم بارتوميو ومساعدوه بسوء استخدام موارد النادي المالية، والتعاقد مع شركة خاصة بنشر أخبار زائفة عن نجوم الفريق وبعض مسؤوليه السابقين، بالإضافة إلى تلاعبات في الوثائق …
أمام هذه المداهمات والاعتقالات، وجد النادي نفسه مضطرا إلى إصدار بلاغ، ليلة الاثنين الماضي، ذكر فيه أن مقره عرف تفتيشا كبيرا من رجال الأمن، وأنه يتعاون معهم لإظهار الحقيقة.
وجاء في بلاغ الفريق أيضا، أن فرقة «موسوس ديسكوادرا»، اقتحمت مكاتب النادي في ملعب «كامب نو»، ولديها إذن بالتفتيش ومصادرة بعض الوثائق، بأمر قضائي، للتحقيق في بعض الخروقات.
وتطرق بيان النادي أيضا لاعتقال بارتوميو، الذي قضى ليلة في الاحتجاز، بالإضافة إلى مساعده خامي ماسفيرير، والمدير العام أوسكار غراو، والمدير القانوني رومان غوميس بونتي.
ولم يجد النادي بدا من التعاون مع الأمن والقضاء، لتفادي عقوبات أكبر، بعدما أكدت التحقيقات الأولية، تورط بارتوميو ومعاونيه في خروقات مالية وأخلاقية كثيرة داخل النادي، قبل استقالته.
“بارصا غايت”… أصل القضية
تعود قضية “بارصا غايت” إلى التحقيق الذي فجرته إذاعة “كادينا سير”، في نونبر الماضي، وأكد تورط مسؤولين داخل إدارة النـــــــــــــادي في التشهير بشخصيات رياضية بارزة في برشلونة، على رأسها ليونيل ميسي وجيرار بيكي على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي تتكفل به شركة خاصة تعمل لصالح النادي.
واتهمت وسائل الإعلام وأغلب مكونات “البارصا” الرئيس السابق بارتوميو، في الضلوع في الفضيحة، الشيء الذي نفاه وهدد باللجوء للقضاء ضد كل من يسيء لصورته.
وحسب الإذاعة نفسها، فإن برشلونة دفع مليون أورو على ست دفعات للشركة، التي تسمى “أي 3 فنتشور”، والتي قطع معها النادي العلاقات قبل نهاية السنة الماضية، للابتعاد عن الشبهات، غير أن التحقيقات الأمنية والقضائية تمكنت من إثبات العلاقة بين النادي والشركة، عبر دفوعات مالية استثنائية.
وبعد الضغوطات التي مورست على بارتوميو، اعترف في النهاية أن للنادي علاقة ببعض الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه لم يرد الإساءة إلى بعض الأسماء داخل النادي، بل حاول ابتكار طريقة جديدة للتسويق، كما وعد بإجراء تحقيق داخلي لمعرفة المسؤول عن هذه الفضيحة.
الانتخابات الرئاسية مهددة
أمام هذه المستجدات، باتت الانتخابات الرئاسية مهددة، علما أنها مبرمجة الأحد المقبل. وخرج المرشح الأبرز لرئاسة برشلونة، خوان لابورتا، بتصريح خاص قال فيه إنه يتأسف لما يحدث بالنادي، وإنه يسيء لصورته عالميا وليس فقط بإسبانيا.
وأوضح لابورتا أنه يدعم التدخلات الأمنية، وأنه مستعد لتقديم أي دعم ممكن للجهاز الأمني، بغية الوصول إلى الحقيقة ومحاسبة المسؤولين، مضيفا أن مصلحة برشلونة فوق كل اعتبار.
ورفض لابورتا استغلال الموقف، بما أنه مرشح لرئاسة الفريق، إذ شدد على أن الفترة تتطلب تلاحما بين كل مكونات النادي، من أجل إظهار الحقيقة، ومساعدة الفريق على الخروج من هذه الأزمة الخطيرة.
وعمد المرشحان الآخران لرئاسة النادي، خوان طوني فريتشا وفيكتور فونت إلى التصريح بالأمر نفسه، متمنين الإبقاء على انتخابات الفريق الرئاسية، بغية تجاوز هذه المحنة بسرعة.
وسبق للانتخابات أن تأجلت قبل أسابيع، بسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، إذ اضطرت الإدارة إلى الموافقة على التأجيل، بسبب التدابير التي فرضتها السلطات لوقف زحف الفيروس.
الفريق إلى أين؟
في خضم كل هذه الفضائح، تساءلت وسائل الإعلام الإسبانية، حول مدى قدرة النادي على امتصاص كل هذه الأزمات في وقت واحد، إذ يعاني الفريق رياضيا، بالإضافة إلى المشكل الذي يطرحه ليونيل ميسي الذي يسعى للرحيل في نهاية الموسم الرياضي، بالإضافة إلى الديون المتراكمة والتي فاقت مليار دولار، في رقم قياسي.
وانضاف مشكل التحقيق القضائي إلى جملة مشاكل الفريق، ما يجعل النادي الذي يعتبر من بين الأكبر في العالم، يواجه أزمة تاريخية، يمكن أن تعصف به.
وسيجد الرئيس المقبل لبرشلونة نفسه أمام مشاكل في التسيير وأزمة مالية، ما يجعل من الانتخابات المقبلة، مصيرية في تاريخ النادي، كما أكد على ذلك خوان لابورتا، الرئيس السابق والمرشح للرئاسة.
واضطرت إدارة برشلونة إلى وقف صرف مستحقات اللاعبين، بعدما عجزت عن إيجاد حل معهم، بتقليص رواتبهم إلى النصف، كما وعدتهم بتحسن الوضع في المستقبل القريب.
ودفع ذلك لاعبين كثرا إلى التفكير في الرحيل، من بينهم نجوم النادي، وعلى رأسهم ميسي، فيما رحل لويس سواريز إلى أتلتيكو مدريد غاضبا على طريقة التعامل معه، ليبدأ المدرب رونالد كومان في الاستعانة بشباب النادي، في ظل رفض إدارة الفريق انتداب لاعبين بمبالغ كبيرة، بسبب الأزمة المالية الحالية.
وتعتقد الصحافة الإسبانية، أن الأسابيع المقبلة ستكون مصيرية في تاريخ برشلونة، وأن المشاكل المتراكمة عليه أخيرا، كافية لإعادته سنوات إلى الوراء.
السراح بشروط
أطلق قاضي التحقيق، أول أمس (الثلاثاء)، سراح جوزيب بارتوميو بشروط، رفقة مساعده جاومي ماسفيرير، بعد اعتقالهما الاثنين الماضي.
وأوضحت الصحف الإسبانية، نقلا عن بيان للمحكمة العليا ببرشلونة، أن بارتوميو ومساعده، رفضا الإجابة عن أسئلة المحققين، مطالبين بحضور محاميهما، ليتم إطلاق سراحهما بشروط، من بينها عدم مغادرة البلاد والالتزام بالتعاون مع المحققين.
ويستجوب بارتوميو خلال هذه القضية، حول فساد إداري ونشر أخبار زائفة عن أشخاص ورياضيين، باستعمال علاقته بشركة خاصة، تنشر معلومات في مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت الصحيفة الإسبانية «إلموندو ديبورتيفو»، أن بارتوميو رفض طريقة اعتقاله من منزله، وطالب بحضور محاميه، قبل الإجابة عن أسئلة المحققين.
وحسب الصحيفة نفسها قضى بارتوميو ليلة الاثنين والثلاثاء في مركز الاعتقال ببرشلونة، رافضا التعاون مع المحققين والإجابة عن أسئلتهم، التي تمحورت حول مصدر الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تنشر أخبارا خطيرة ومسيئة ضد بعض الأشخاص من بينهم ليونيل ميسي وزوجته، وتشافي هيرنانديز المرشح لتدريب الفريق في المرحلة المقبلة، والذي يشرف على السد القطري حاليا، ثم خوان لابورتا الرئيس السابق والمرشح الأبرز لرئاسة النادي خلال الرئاسيات المقبلة.
وبعد تحقيقات سهرت عليها وكالة الجرائم الاقتصادية والمالية ببرشلونة، تحت قيادة شرطة كاتالونيا، ثبت لها أن بارتوميو، الرئيس المستقيل، له يد في تلك الحسابات، بعدما اتفق مع شركة خاصة ودفع لها من أموال النادي.
واضطر بارتوميو إلى تقديم استقالته، بعدما تعرض لانتقادات شديدة من قبل كل مكونات النادي، وعلى رأسها النجم الأول للفريق ليونيل ميسي، الذي هدد بالرحيل إذا استمر الرئيس السابق في قيادة الفريق.