رباح لـ”الأيام”: علاقتي بالعدالة والتنمية انتهت ولن أؤسس حزبا ولن أطلب تقاعد الوزراء
كثيرة هي المواضيع التي تطرق إليها عزيز رباح، القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية وأحد ركائز الحكومات التي ترأسها الإسلاميون ما بين 2012 و2021، في الحوار الشامل الذي أجرته معه “الأيام” وكشف فيه لأول مرة عن تفاصيل مبادرة “الوطن أولا ودائما” التي يستعد لإطلاقها قبل نهاية هذا العام.
من الصعب جدا أن تقنع رباح الذي أدار قطاعات النقل والتجهيز واللوجيستيك إبان حكومة عبدالإله بنكيران ما بين 2012 و2017، ثم الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة في حكومة العثماني الأولى، قبل أن يتم تغيير مسماه الوزاري إلى وزير للطاقة والمعادن والبيئة بعد التعديل الذي طال حكومة العثماني الثانية عام 2019، بأن يفتح دفاتره، وهو ما أخذ منا وقتا طويلا خاصة وأنه يعد لإطلاق مبادرة قال إنها ستجمع كفاءات من كل المجالات، ويرى أنها الطريقة الأنسب لرجل راكم خبرات كبيرة متنوعة.
عندما حدد لنا موعدا للقاء في مدينة القنيطرة التي ترأس مجلسها البلدي ما بين 2009 و2021، كنا نحمل بين أيدينا مجموعة من الأسئلة من أجل حوار سنتطرق فيه أساسا إلى مبادرة الرباح ومختلف ملابساتها، لكن لم يكن ممكنا ألا نطرق باب ومواضيع تهم قراءنا ومنها الأزمة الطاقية وعلاقته بحزب العدالة والتنمية وكذا سؤاله حول ما يلاحقه من كلام حول الاغتناء عن طريق الوزارة وغيرها، فكان هذا الحوار الذي يعد الأول من نوعه لعزيز رباح منذ أن غادر دواليب التدبير الحكومي بعد انتخابات 8 شتنبر من العام الماضي.
أين وصلت آخر الاستعدادات لإطلاق مبادرة «الوطن أولا ودائما» (رواد) للمبادرات والكفاءات، وما هي الأسباب والدوافع إليها، ولماذا اختيار اسم «رواد» كمختصر لها؟
بداية أشكر صحيفة «الأيام» على هذه الاستضافة التي سأتحدث فيها بتفصيل لأول مرة عن هذه المبادرة، لكن قبل ذلك دعني أقول أنني ابن مدرسة وطنية إصلاحية منذ صغري، أي منذ حصولي على شهادة التاسعة إعدادي، لكون هذه المدرسة تجعل منك مواطنا واعيا وفاعلا تشتغل من أجل بلدك ومن أجل المواطن، كما أن مجالات هذه المدرسة متعددة وأكيد أنني بعدما قضيت أزيد من 25 عاما في العمل الحزبي، بدأت أفكر منذ 2015 في هذه المبادرة التي أستعد اليوم لإطلاقها بهدف جمع عدد من الكفاءات الوطنية المستعدة لتقديم ما يمكنها لصالح هذا الوطن، وخدمة الوطن ومصالحه العليا والمواطن قبل كل شيء باعتباره هدفنا الأسمى.
(مقاطعا) .. لماذا الآن وليس قبل سبع سنوات كما ذكرت؟
أنا أقول دائما لعدد من الأصدقاء، أنه لا يمكن لمن له تجربة أن يتوارى إلى الخلف. إذا لم يجد له مكانا في ما كان فيه، أو ربما إذا اعتبر أنه وصل إلى أوج عطائه، فلا يمكن له أن يتخلى ويتراجع، بل لا بد له أن يوظف تجربته وعلاقاته لخدمة الوطن بنفس المشروع الإصلاحي الوطني، كما أعتقد أن هناك اليوم فئات عريضة من الشباب لديها أسئلة جديدة وطموحات ونظرة مغايرة لما كنا نعيشه نحن في الجامعة، ويحتاجون إلى أجوبة وإلى مسارات للتمكين لهم ولتنمية قدراتهم ولبناء المستقبل. وبالتالي فالتمازج بين ذوي التجربة وبين الشباب مفيد لوطننا، خاصة منذ إطلاق صاحب الجلالة للنموذج التنموي الجديد والذي يتحدث عن جعل الإنسان كهدف وفاعل، بمعنى أن السياسات كلها يجب أن تهدف إلى خدمة المواطن والإنسان سواء تعلق الأمر بالسياسات الاجتماعية أو الاقتصادية أو الإصلاحات المؤسساتية، حيث يكون المواطن محورا لها وأيضا فاعلا في هذا المسار التنموي الجديد الذي يجب أن نساهم فيه، لكن من موقع آخر يكمل المواقع الأخرى وليس في تناقض معها.
ما هي أهداف المبادرة، وسبب إطلاق تسمية «الوطن أولا ودائما عليها؟
هي أربعة أهداف أساسية يتم تضمينها القانون الأساسي والورقة التوجيهية، وهي: أولا، الترافع عن القضايا الكبرى للوطن والإسهام في إشعاعه وطنيا ودوليا، وهو هدف رئيسي، وطبعا تأتي القضية الوطنية في المقدمة، ويجب العمل عليها سواء مع الجهات الرسمية أو غير الرسمية، خاصة وأن خصوم وطننا كثيرون ويستعملون إمكانيات كثيرة. أما الهدف الثاني، فهو العمل داخل المجتمع على ترسيخ القيم التي تجعله منيعا ومتضامنا ومتماسكا من خلال نشر الثقافة البانية والعلوم والمعرفة وترسيخ القيم المغربية والوطنية، فيما يكمن ثالث أهداف المبادرة في الإسهام بالمسار التنموي تقييما واقتراحا من خلال التجربة التي لدى أعضاء المبادرة، سياسية كانت أو نقابية أو مدنية أو علمية، وأخيرا تأطير المواطنين وخاصة الشباب كهدف رابع، حيث نعول في المبادرة على ملء الفراغ الذي أدى إلى انتشار العبث في مجالات متعددة نتيجة التأطير السلبي الذي لا يخدم البناء الوطني ولا الثقافة ولا تماسك المجتمع أو المواطنين.
أما بخصوص التسمية، فنحن لا زلنا نتداول في مجموعة من الأسماء، لكن سيتم الحسم فيها خلال المؤتمر التأسيسي.
كلما ذكر وصف «الكفاءات» في أي مبادرة إلا وتطالعنا «النخبوية»، فهل ستسير في هذا الاتجاه، أي استقطاب النخبة فقط أم ستكون المبادرة مفتوحة في وجه الجميع؟
بالعكس، مفهوم «كفاءة» لا يرتبط فقط بالكفاءة العلمية أو بالنخبوية، لكن هناك كفاءات أخرى بعيدا عن العلم والخبرة، مثل الكفاءة المهنية والمجتمعية، فيمكن أن تجد فلاحا أو تاجرا كفؤا في مجال عمله، لذلك وضحنا في المبادرة أن الكفاءة لا تعني بالضرورة الشهادة العلمية رغم أننا سنركز على ذوي الشهادات العلمية، لكن أيضا على ذوي الخبرات في مجالاتهم، كما أننا نؤمن في المبادرة بالإنجاز على أرض الواقع وليس فقط الكلام الشعبوي المستهلك، والحمد لله هناك إقبال على المبادرة حتى قبل إعلانها الرسمي، وكل عضو نريده أن يقدم مبادرة واحدة في السنة، وهذا سيعطينا مئات المبادرات المتنوعة والتي ستخدم كل القطاعات وبدون استثناء، ولما رفعنا شعار «الوطن أولا ودائما» فنحن نعتقد أنه محفز لأننا سنعمل من أجل هذا الوطن، ونريد أن نقوم بخدمته.
من هي الشخصيات الداعمة لهذه المبادرة ومن هم المؤسسون، وكيف سيتم انطلاق عملها؟
المبادرة خرجت عن السياق الكلاسيكي لتأسيس أي إطار، وذهبنا في اتجاه أن تكون الغالبية في هذه المبادرة من نخب وفاعلين غير معروفين، ومن خلال تجربتي سواء في العمل السياسي أو المدني أو حتى في عملي المهني كإداري لاحظت أن هناك فئات عريضة تبحث عن إطار للاشتغال، وليس بالضرورة أن تكون فئات معروفة، ولذلك فما هو موجود قد لا يناسبها ولا تريد أن تشتغل في العمل الحزبي أو النقابي، وتريد نوعا جديدا من الديناميات وأن تنخرط فيها ولذلك دعني أقول لك ليس معي شخصيات معروفة ولكن هناك كفاءات من أطباء وأساتذة ومهندسين داخل وخارج الوطن ومن مهنيين ورجال أعمال، نساء ورجالا، ومن الشباب والطلبة كما أن هناك كفاءات متعددة الآن تلتحق وربما سيلاحظ البعض بأنهم غير معروفين في المجالات المتعارف عليها كالمجال السياسي والنقابي والحقوقي، وهذا كان مقصودا. وأنا أملي وقناعتي لو أن كل شخصية لها تجربة معينة في مجالها ولم يعد لها مكان فيما كانت فيه أن لا تختار التواري إلى الخلف، بل يجب أن تشتغل وتكون فاعلة من خلال ديناميات قطاعية سواء في الاقتصاد أو المجتمع أو حقوق الإنسان أو على الصعيد المحلي وغيرها، وأنا مقتنع أن على ذوي التجربة الذين خبروا دواليب الدولة وتدبير الشأن العام وساهموا فيه، أن يستغلوا تجربتهم، فلا يمكن أن تبقى دائما في موقعك لأن هناك عملية تجديد على الدوام، وبالتالي لدينا الآلاف من ذوي التجربة الذين تحتاج الدولة إلى أن يكونوا فاعلين في المجتمع بالنظر إلى التحديات الدولية والداخلية وكذا بحكم حاجة المسار التنموي والإصلاحي الجديد إليهم.
لكن أي مبادرة جديدة تحتاج إلى نقط جذب، فما طبيعة العرض الذي تقدمه مبادرة «الوطن أولا ودائما»؟
فكرة المبادرة قوة في حد ذاتها، وأنا حريص على أن تكون للأشخاص مكانتهم، لكن أريد أن تكون الرسالة هي الجاذبة والدور الذي ستقوم به، وليس الهدف أن تكون شعبية، ففي تصوري لو أن هذه المبادرة فيها فقط 500 أو 1000 شخص، موزعين على كافة التراب الوطني وخارجه، فنحن سنكون إزاء هذا الرقم من المبادرات، علما أنه وحتى الآن هناك المئات من طالبي الالتحاق بنا من الموجودين ـ فضلا عن الداخل ـ في أوروبا وأمريكا وفي الدول العربية وإفريقيا، ما يعني أن هناك حركية بالنسبة لنا، كما أننا نريد العمل مع الجالية المغربية بالخارج من ذوي الخبرة والتجربة والشهادات العليا خاصة وأننا لاحظنا الكثير من التفاعل وسطها مع الخطاب الملكي الأخير، والآن هناك مبادرات تُخلق والتنافس بينها فيه أيضا فائدة كبيرة.
هل من توضيح بخصوص كون المبادرة ستهتم بالسياسة وبالقضايا الاجتماعية وبالتكوين والتأطير لكن خارج ما هو مألوف؟
كثير من الناس يتصورون أن السياسة هي الانتخابات والعمل الحزبي، لكن السياسية هي أكبر من ذلك. وعندما ستناقش المبادرة السياسات العمومية فهذه سياسة وعندما ستناقش في إطار الفروع الشأن المحلي فهذه سياسة، ولكن ليس عملا حزبيا. وعندما سنقول رأينا في موضوع ما مثل الفلاحة أو الصناعة أو البحث العلمي أو التعليم أو الصحة أو التشغيل أو الاستثمار أو الجالية فهذه سياسة، لذلك في تقديري أتمنى أن ننجح في أن نرى ما هو حاصل ونساهم في تقييمه. والحمد لله اليوم لدينا مؤسسات رسمية وغير رسمية لديها عدد من التقارير التقييمية والاستشرافية ونحن سنعتمد عليها ونضيف إليها ما لدينا من خبرات وسنكون من المساهمين في قراءة هذا الواقع وتقييمه وفي اقتراح ما يمكن اقتراحه، وهذا أيضا عمل سياسي وليس بالضرورة أن يكون في إطار حزبي أو مرتبط بأجندة انتخابية.
ما موقع الجالية المغربية بالخارج في برامج المبادرة خاصة وأن هناك دعوات ملكية على الدوام لضرورة الاهتمام بها وإيجاد آليات لتشجيعها على العودة والاستثمار داخل أرض الوطن؟
ملف الجالية كان دائما وسيبقى ضمن الأولويات الوطنية، كما تؤكد على ذلك الخطابات الملكية. ويمكن مقاربة الملف من خلال خمسة محاور رئيسية، وهي:
• أولا، دعم دور الجالية في الترافع والدفاع عن القضايا الوطنية وتعزيز الدبلوماسية الوطنية وتطوير الشراكات مع دول الاستقبال والمؤسسات الدولية وتنويع شبكة أصدقاء المغرب في مراكز القرار الدولية.
• ثانيا، تحسين الخدمات الموجهة إلى الجالية في القنصليات والإدارات ذات الصلة بتبسيط المساطر وتوظيف الحلول الرقمية والشبابيك الموحدة وبرامج الإرشاد والتوجيه.
• ثالثا، تطوير وتنويع سبل الاستفادة من الكفاءات الوطنية بالخارج والتي تعد بمئات الآلاف في الجامعات ومراكز البحوث والمستشفيات والشركات والمؤسسات المالية، في البحث العلمي والتعاون الجامعي والشركات الاقتصادية وتطوير الخدمات وغيرها.
• رابعا، تشجيع استثمارات الجالية عبر إبداع طرق لجلبها ومواكبتها وتخليص تحفيزات إضافية لها وخلق مركز استثماري افتراضي خاص تحت إشراف فريق يختار بعناية لهذا الأمر.
• خامسا، إيجاد صيغة مناسبة لتمثيلية الجالية في البرلمان مع إعطاء تسهيلات للحضور في الغرفتين أو القبول بالحضور عن بعد. وأميل إلى تحويل مجلس الجالية إلى غرفة برلمانية ثالثة لها اختصاصات حصرية وتنتخب وتشتغل بطريقة مختلفة.
أغلب المبادرات سرعان ما تتحول إلى أحزاب سياسية، فما ردك على من يقول بكون المبادرة هي غطاء لإعلانكم عن تأسيس حزب سياسي جديد ربما قد يجمع كل الغاضبين على التجربة الحالية للعدالة والتنمية مع الانفتاح على طاقات غاضبة من أحزاب أخرى؟
بكل بساطة، أعلنت أنني بعد 25 سنة من العمل الحزبي أعطيت فيه ما استطعت، أوقفت رسميا نشاطي الحزبي ولا يمكن أن أرجع في قراري. هذا الأمر يجب أن يكون واضحا. ثانيا، لا يمكن أن نعيد إنتاج تجارب حزبية سابقة وأنا أعرف بأن المجال الحزبي مغر لأسباب كثيرة لكن لا يمكن أن نكرر ما سبق.
اليوم حزب العدالة والتنمية لديه قيادة يُنتظر أن تخرج برؤيتها المستقبلية، وهي الآن تقوم بعملها وليس بالضرورة أن من ليس في القيادة يجب أن يكون في صراع معها. ولذلك الأمر عندي واضح. ففي تقديري، ورأيي حتى في أحزاب أخرى، عندما تقع اختلافات قد تصل إلى مستوى القطيعة، كنت دائما أدعوهم إلى التريث في تأسيس أحزاب جديدة، فأنا أفضل البحث عن فضاءات أخرى وما أكثرها للإسهام في تنمية الوطن، خاصة وأن المغاربة الفاعلين والمؤثرين اليوم ليسوا كلهم في الأحزاب السياسية، لكنهم مؤثرون من خلال الأعمال التي يقومون بها ومن خلال علاقاتهم وأنا لا أميل إلى الإسهام في إضعاف الأحزاب السياسية بل على العكس يجب تقويتها.
هناك أمر هام جدا، وهو أننا التزمنا ألا تتحول هذه المبادرة إلى حزب سياسي ونفكر الآن في تقنين هذا الالتزام ببند في القانون الأساسي لا يمكن تغييره، ولا أخفيك أنه تم الاتصال بي من طرف البعض واقترحوا تأسيس حزب، وربما أكشف هذا لأول مرة، وحتى في فترة ما سمي بالبلوكاج، كان البعض منا ومن خارج حزب العدالة والتنمية، يقولون إن هذه هي المناسبة للخروج بحزب جديد، لكنني كنت ضد الفكرة ولست مقتنعا بها، ولا يمكن أن أقوم بذلك في المستقبل ومن أراد تأسيس حزب فأتمنى له التوفيق.
ماذا عن توقيت إعلان المبادرة، وهل هناك سقف زمني لإعلانها، وأين مقرها الرئيسي؟
المرحلة التأسيسية تكون توافقية في الغالب، ونحن نتوافق على التأسيس وتوقيته بنوع من التروي وحسن اختيار الأعضاء الذين وضعنا شروطا يجب أن تتوفر فيهم، خاصة الوطنية والإيمان بالثوابت والنزاهة والالتزام بالقانون والفاعلية والإنجاز ثم التوافق. ونحن قبل نهاية هذه السنة سنعلن عن التأسيس رسميا، وستكون سنة 2023 للتعريف بالمبادرة وتأسيس الفروع والمجالس المتخصصة داخلها. كما أنهينا إعداد القانون الأساسي والورقة التوجيهية في مراحلها النهائية وهي التي تحدد الرسالة والرؤية والأهداف ومجالات العمل، فضلا عن كوننا نضع اللمسات الأخيرة على الموقع الإلكتروني، علما أنني شخصيا أميل أن يكون المقر الرئيسي للمبادرة في الرباط أو الدارالبيضاء.
وماذا عن التمويل؟…
(مقاطعا) كل التمويل القانوني نحن سنعمل على الحصول عليه، وسنحدد انخراطات للأعضاء لن تكون شكلية لأن هذه منظمة للعطاء والعمل وليس للكلام وتضييع الوقت، لذلك ستكون مساهمات الأعضاء نوعية. كما سنسعى من أجل الحصول على الدعم العمومي باعتبار المبادرة منظمة مدنية، في إطار شراكات مع الدولة ومع المؤسسات الوطنية والدولية، ثم من خلال بعض الأنشطة التي يمكنها أن تدر بعض المداخيل إلى جانب الاحتضان، لكن حاليا تأسيس المبادرة سيتم من خلال مساهمات الأعضاء التي يمكن أن أقول إنها ستكون ثابتة، فيما كل مصادر التمويل الأخرى متغيرة.
يعيش العالم اليوم أزمة طاقية غير مسبوقة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، فكيف ترون هذه الأزمة وتأثيراتها على المغرب باعتباركم كنتم تتحملون حقيبة وزير الطاقة والمعادن والبيئة بالحكومة السابقة؟
الصراع في العالم قائم على الدوام حول المجالات الاستراتيجية الكبرى، مثل التكنولوجيا والأسلحة والماء والطاقة. لذلك فإن الصراع على مصادر الطاقة قائم وسيبقى قائما، سواء تعلق الأمر بالطاقة الأحفورية أو الطاقات المتجددة بحكم تباين الرؤى حولها، فضلا عن الصراع حول اللوجيستيك والنقل الدولي. فمن يتحكم اليوم في شبكة النقل يتحكم في الاقتصاد العالمي، لذلك نلاحظ تنافسا كبيرا على بناء الموانئ والنقل بالسفن والممرات البحرية، وغالبا ما يكون هذا التنافس سببا لوقوع الحروب بين الدول. لكل ذلك، يمكن أن أقول إن الأزمة الطاقية اليوم كبيرة جدا وتأثيرها مهول على الاقتصاد العالمي بحكم الحاجة إليها، هذا فضلا عن الصراع القائم حول التحكم في مصادر المعادن النفيسة التي قد تتسبب هي الأخرى في حروب مستقبلية بسبب الطلب عليها في التكنولوجيا وصناعات المستقبل.
للأسف، ما يحدث اليوم أثر على السعر العالمي للمحروقات على وجه الخصوص والتي أصبحنا إزاءها أمام معضلة أخرى، ربما لا ينتبه إليها الكثيرون، وهي تأمين تزويد الأسواق بالطاقة بعد أن أصبحت دول عدة مهددة بنفاذ مخزونها الاستراتيجي، ما سيؤثر بشكل كبير على كثير من الاقتصاديات ومراكز الإنتاج، بل يمكن حتى أن ينتج عن ذلك تغير خريطة مصادر الطاقة وطرق الوصول إليها، فضلا عن التأثير الذي طال أيضا الموارد البشرية التي أصبحت مكلفة لكثير من مراكز الإنتاج في العالم.
ماذا عن الطاقات البديلة التي يعمل المغرب على إنتاجها، وهل يمكن أن تشكل طوق نجاة لمواجهة هذه الأزمة؟
في عام 2009، أطلق جلالة الملك السياسة الطاقية الجديدة التي ستستمر إلى حدود 2030، ولها أهداف كثيرة. أولا، تخفيض الفاتورة الطاقية: حيث كنا نستورد في ذلك الوقت أكثر من 98% من الحاجيات الطاقية للبلاد، واليوم نستورد الغاز والبترول والفحم لأننا في حاجة إليها في النقل الذي يستهلك حوالي 30% من الواردات والصناعة والبنايات، وفي أنشطة أخرى مثل الفلاحة وغيرها من الأنشطة، وأيضا لإنتاج الكهرباء. علما أن الفاتورة تصل أحيانا إلى 90 مليار درهم بل وحتى عندما تنخفض الأسعار فالفاتورة لا تقل عما بين 64 حتى 70 مليارا. لكن مع غلاء الطاقة قد نصل إلى 100 مليار درهم لشراء البترول والغاز وغاز البوتان، ما يطرح سؤال ضرورة الاعتماد على إمكانياتنا الذاتية من أجل التقليل من هذه الفاتورة الطاقية ومن التبعية التي تجرها.
لقد تم تحقيق إنجازات في مجال استعمال الطاقات المتجددة لإنتاج الكهرباء ووصلنا من حيث القدرة المنشأة إلى 40% من الحاجيات، لكننا نبقى دائما في حاجة إلى المحطات التي تستعمل الفحم والغاز والفيول الذي عدنا إليه مع الأسف، خاصة بعد المشكل الذي حدث مع الجزائر الذين كانوا دائما يطمئنوننا بأنهم لن يقطعوا الغاز لأن ذلك ليس في مصلحتهم، ونحن قد نجد بديلا لذلك. لكن، في مجال النقل يصعب أن نعوض المحروقات فكل السيارات تستعمل المحروقات وفي انتظار تطوير التكنولوجيا كي نصل إلى تعميم السيارات الكهربائية أو السيارات التي تستعمل الهيدروجين، قد ننتظر حتى عام 2050.
أما في ما يتعلق بالإنتاج المحلي للغاز، فإنه لا يغطي سوى 30% من الحاجيات خاصة الغاز الموجود في منطقة الغرب والذي تستعمله الشركات الصناعية، وفي الصويرة حيث يستعمل في الفوسفاط وفي نواحي العرائش، في انتظار أن تتضح الصورة في حقل تندرارة بنواحي فيكيك ونحن نتمنى أن يتطور الإنتاج في هذا المجال الذي يحتاج إلى ملايير الدراهم في الاستكشاف فقط قبل الوصول إلى مرحلة الإنتاج.
لكن الوصول إلى هذا الهدف يحتاج إلى قوانين ومخططات ناجعة…
(مقاطعا) .. هناك مخططات تهم الغاز الطبيعي والهيدروجين والطاقات الحيوية والكهرباء والنجاعة الطاقية، كما أن هناك قوانين لتشجيع استعمال الطاقات البديلة في مجال النقل المستدام وفي البنايات والمناطق الصناعية، وكلها تسير في طور الإنجاز، واليوم كثير من المصانع والشركات تستعمل هذه الطاقات وكذلك الفلاحون وحتى المنازل، لكن هذا سيأخذ وقتا حتى يتم تعميمه وبالتالي تقليص الفاتورة الطاقية حتى 40% وحتما سينعكس ذلك على المواطن ويخفف من التبعية للخارج.
لكن قبل الوصول لذلك، لماذا لا يتم وضع حلول تخفف على المواطن من التأثيرات السلبية على معيشه اليومي، ولماذا لا تتخلى الدولة عن نسبة من الضرائب التي تجنيها من البترول وتتدخل لوضع حد لأرباح الشركات الفاعلة في المجال والتي تحقق أرباحا فاحشة؟
أعتقد أن ما جاء به التقرير الأخير لمجلس المنافسة وضع مجموعة من المسارات التي يمكن أن تساهم في رفع الضغط عن المواطنين وذلك بمزيد من تشجيع المنافسة في هذا المجال، علما أنه تم سابقا منح أكثر من 12 رخصة لشركات جديدة للتوزيع لتشجيع المنافسة، لكن تأثيرها لن يظهر في البداية لأنها حصلت على هذه التراخيص في 2017-2018 وتعمل من أجل إنشاء 30 محطة لكل شركة وطبعا هذا سيأخذ وقتا من أجل إيجاد العقارات التي سيتم بناء هذه المحطات عليها.
الحل الثاني يتمثل في التقنين، فمثلا عندنا الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء التي ستكون حكما ومراقبا، فيما ينحصر دور المكتب الوطني للكهرباء في الإنتاج والتوزيع للشركات، ويمكن أن تتكلف أيضا بمجال المحروقات، علما أنه من المهم الإشارة إلى أن هيأة التقنين ستكون مهمتها مراقبة السوق ومنح التراخيص وشبكات التخزين والنقل والبيع ويتم وضع معايير لها ليكون من حق الجميع الولوج إلى الاستيراد والتخزين والنقل والتوزيع وفق شروط معينة، وفوق كل هذا يأتي دور مجلس المنافسة الذي سيحرص على أن لا يكون هناك احتكار ومنافسة حقيقية بين الشركات.
الحل الثالث، هو تسقيف الأرباح لمصلحة المواطن وضمان تزويد الأسواق، لكن مع الحرص على ربحية المستثمر في حدود معقولة أيضا، لأن هذا فيه مصلحة البلاد وبالتالي ففي ظل هذه الأزمة، حان الوقت لاتخاذ قرار التسقيف الذي تم الاشتغال عليه سابقا، وأيضا دعم الأنشطة الاقتصادية التي تستعمل المحروقات خاصة النقل المهني للبضائع والأشخاص.
من جانب آخر، لا بد أن أؤكد أن تقرير مجلس المنافسة أوصى بمراجعة الضرائب التي تحصل عليها الدولة لأن هناك الضريبة الداخلية على الاستهلاك TIC والضريبة على القيمة المضافة TVA وأنا أميل في الظروف الصعبة ـ رغم حاجة الدولة إلى هذه الضرائب لكي تنجز البرامج الأخرى ـ لأن تخفضها للتخفيف على المواطن.
ما رأيكم في تحميل حزب العدالة والتنمية مسؤولية هذه الأزمة، خاصة وأن تحرير أسعار المحروقات تم في عهد قيادته للحكومتين السابقتين، بل هناك من يصف عشر سنوات من حكم الحزب بمثابة عقد تعطيل التنمية في البلاد؟
لقد عاهدت نفسي ألا أجيب بعض الوزراء الذين يتحدثون عنا، لكن، للأسف، على من يضحكون؟ دعني أسألك: بيد من كانت وزارات المالية والصناعة والفلاحة والسياحة وكلها قطاعات تنموية؟ ببساطة كانت عند الحزب الحاكم اليوم. وبالتالي لا يجب الضحك على المغاربة، وأنا عندما سمعت هذا التصريح بدأت أقول ماذا حدث؟ وهل يعون ماذا يقولون، لقد كانوا دائما في كل الحكومات، وماذا كان يفعلون آنذاك؟ هل كانت مشاركتهم من أجل تعطيل التنمية من داخل الحكومات بتولي تدبير القطاعات الأساسية، أم أنهم يكذبون على المغاربة؟
إن واقع الحال يؤكد أن السنوات العشر الأخيرة كانت كلها إيجابية حتى في مجال الطاقة الذي يريدون تحميل الحكومة السابقة مسؤوليته، علما أن المستفيد الأكبر من التحرير هو الموجود اليوم على رأس الحكومة الحالية. إذن، فليتخذ القرار ويتراجع عن التحرير ويخفض أرباح الشركات ويخرج أمام المغاربة ليشرح لهم. نحن عندما كنا في الحكومة ونتخذ قرارات كانت لدينا شجاعة الخروج لتوضيح الأمور للشعب، ونتحمل مسؤوليتنا. نحن كنا ربما «نية» وكنا نعول على أننا عندما سنحرر القطاع سنخفف على الدولة تلك الـ24 مليار درهم التي تذهب لدعم المحروقات، فتخصص للصحة والتعليم والعالم القروي والتشغيل والأرامل. لكن أدعوهم مرة أخرى لاتخاذ القرار كي يظهروا أنهم أحسن من الحكومات السابقة.
هناك اليوم اتفاق بين المغرب ونيجيريا بخصوص أنبوب الغاز المار نحو أوروبا، فكيف ترى هذا الاتفاق الذي جاء بعد توقف الأنبوب الجزائري المار من المغرب بسبب الأزمة مع الجارة الشرقية؟
المغرب لديه اليوم مخطط للغاز الطبيعي ومخطط للهيدروجين يمكن أن يجعل المغرب من قلاع الهيدروجين في العالم، مع مخطط للطاقات الحيوية. وأظن أن المخطط الخاص بالطاقات البحرية قد اكتمل أيضا، وهي كلها مخططات تم إعدادها إلى جانب مخطط جيولوجي يحدد ما لدينا من موارد طبيعية فضلا عن القوانين المصاحبة لها، هذا بالإضافة إلى الإصلاحات التشريعية المتعددة لكل هذه القطاعات.
في ما يتعلق بمخطط الغاز تحديدا، فقد تضمن مجموعة من البدائل، ومنها أولا، جعل أنبوب الغاز القادم من الجزائر إلى إسبانيا الذي أصبح ملكا للمغرب منذ عام 2021 يقوم بنقل الغاز في الاتجاه المعاكس أي من إسبانيا إلى المغرب، سواء الغاز القادم من أمريكا أو دول أخرى، وتم الاتفاق على تخصيص ميزانية مهمة لهذا الغرض بتمويل من وزارة المالية والمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن (ONHYM) ووزارة الطاقة والمعادن.
أما البديل الثاني فهو إنشاء محطة عائمة للغاز وقد تكون في أحد الموانئ الوطنية، وهي أولوية تحتاج لسنتين لتكون جاهزة وأقل كلفة ويمكن من خلالها نقل الغاز ثم يصرف داخل السوق الوطنية لمحطات الكهرباء وجزء منه للمناطق الصناعية، وأعتقد أنه كان قد تم فتح طلب عروض وأتصور أن يكون قد تم اختيار الشركة التي ستنجز هذه المحطات العائمة أو قيد الاختيار. أما البديل الثالث فهو أن نستورد الغاز بالبواخر وننقله داخل الوطن بالشاحنات.
وقد سلمت الوزارة سنة 2020 سبعة تراخيص في هذا الإطار، فيما البديل يتمثل في أن نقوم بزيادة الإنتاج داخل الوطن وإذا وصلنا إلى تغطية 50% من الحاجيات فهذا إنجاز، خاصة وأننا قد نكتشف مناطق إنتاج أخرى.
أما خط أنبوب نيجيريا – المغرب، فيبقى بديلا رابعا ومنطقيا في ظل الأزمة مع الجارة الشرقية، وفعلا تم التوقيع مع عدد من الدول التي سيمر منها وأتمنى أن ينجز وتكون فيه فائدة للمغرب وللاقتصاد العالمي، وأن لا يُنظر إليه على أنه منافس لشبكة الغاز الروسية أو الخليجية أو الأمريكية، ولكن يجب أن يتم اعتباره مكملا في مجالات استعمال الغاز، خاصة وأن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى دعم هذا المشروع الذي أطلقه صاحب الجلالة مع الرئيس النيجيري لأن فيه فائدة للدول المنتجة والمستهلكة.
هل تعتقد بعد انتخابات 8 شتنبر أن حزب العدالة والتنمية له مستقبل اليوم، وما هي طبيعة علاقتك بهذا الحزب بعد تجميدك لعضويتك؟
هذه دورة انتخابية سياسية وحصل ما حصل، وعبرت عن رأيي فيها عندما سئلت وقلت بأن النتائج غير مفهومة، لكن هذا هو الواقع. المغرب محتاج إلى أحزابه كلها لكن الأحزاب تتجدد، واليوم هناك قيادة جديدة، الجميع ينتظر رؤيتها للحزب أو القضايا الكبرى التي ستهتم بها. المغرب محتاج لحزب العدالة والتنمية كما هو في حاجة إلى كل الأحزاب وأنا شخصيا أخذت على عاتقي ألا أقول رأيي في الحزب ولا أبدي أي موقف لأنني أعتبر نفسي غير معني بمستقبله.
هل معنى ذلك أن علاقتك بالحزب انتهت؟
النشاط الحزبي انتهى، لكن هذا لا يعني أنني لا أعتبره مدرسة، لكن كناشط أوقفت جميع أنشطتي الحزبية لكي أتفرع للمبادرة وأسهم في خدمة بلدي من موقف آخر وأتمنى التوفيق للإخوة.
هل يمكن ان تعود إذا تغيرت الظروف؟
لا، لن أعود. ولكن سأبقى وفيا للمبادئ التي تلقيتها داخل الحزب كشخص انتمى منذ صغره للمدرسة الإصلاحية وسأبقى هكذا إلى أن ألقى الله.
طيب.. كيف ترد على الاتهامات الموجهة إلى وزراء العدالة والتنمية بالاغتناء من خلال مواقعهم الحكومية، وأنت شخصيا يقال إنك ممن اغتنوا ولك شركات وضيعات وممتلكات حتى خارج المغرب كما يروج؟
أنا أهدي كل هذه الممتلكات لمن وجدها، سواء عندي أو عند عائلتي القريبة وحتى البعيدة، سواء تلك التي يقولون أنها داخل المغرب أو خارجه. بصراحة، العمل السياسي يدخله نوعان من الناس، الأول محب مصلح وغيور على البلد وأنا أقول لك أنه لن يغتني بل يمكن أن يفقد ما كان عنده، لأن الوقت الذي كان لديه لتنمية إمكانياته المالية أصبح يعطيه للعمل الحزبي، والنوع الثاني هو الذي يغتني من السياسة ويعتبرها مصعدا من أجل الترقي الاجتماعي والكسب المالي غير المشروع.
لقد تعلمنا في مسارنا الحزبي أن نكون أمناء على مال الأمة، وعلى مصالح الوطن والمواطنين. قد نرتكب بعض الأخطاء الإدارية لكن يجب التفريق، خاصة في تدبير الشأن العام، بين الخيانة والخطأ. ودائما كنت أقول لمؤسسات الرقابة قد نرتكب خطأ إداريا وهذا وارد جدا لكن الخيانة شيء آخر، وهو أن تعطي الصفقات للأهل والأحباب ولأصحابك في الحزب ولا تعطيها للمستحقين أو أن تمنع الحقوق عن أصحابها أو تتكاسل عن أداء الواجب.
هل معنى ذلك أنه ليست لكم أخطاء كبيرة خلال فترة تواجدكم في الحكومة؟
أكيد أن هناك أخطاء، لكن لم يثبت أننا خنا الأمانة. وأنا شخصيا عندما انتهت مهمتي في الحكومة، قلت لهم أروني الحافلات والشركات والأموال التي في الخارج. وأنا أقول لك أتمنى لوكان عندي كل هذا في الحلال ومن يكره أن تكون له الضيعات والسيارات الفارهة والنعم، لكن قدر الله أنني من عائلة متوسطة أو أقل، وأعيش بما تيسر الله وبتقاعدي الوظيفي والآن أعمل في بعض الاستشارات مع شركات ومستثمرين.
لكن لديك تقاعد الوزراء الذي قد يغنيك عن العمل…
(مقاطعا) أنا لم أطلبه… لدي تقاعد نسبي من وظيفتي في الإدارة كمهندس. للأسف كثير من الناس يعتقدون أن الوزير عندما يغادر الوزارة يأخذ تعويضا قدره 600 مليون سنتيم، وأنا أقول أنه عندما خرجنا أخذنا راتب 4 شهور أي 26 مليونا، ريثما ندبر أمورنا لا أكثر. كما يعطى لمن يطلب تقاعده من الوزراء مبلغ 39 ألف درهم شهريا، وهنا أيضا أوضح أنه يتم فيها احتساب أي تقاعد لك فإذا كان تقاعدك مثلا يصل إلى 20 ألف درهم تضاف له 19 ألفا فقط وليس كما يعتقد الناس، وبالتالي أنا قانع بتقاعدي كمهندس في وزارة التجارة والصناعة وأحاول أن أقوم بأعمال استشارية لبعض الاستثمارات الصغيرة، ولا داعي لأن أطلبه.
هل نفهم من ذلك أنك ضحية إشاعات مغرضة أو مقصودة؟
أنا أسامح كل من تكلم عني بسوء، لكن أقول لهم لا تظلموا السياسيين والمسؤولين. وعموما عندما تأتيك الضربات من كل جهة فتأكد أنك على حق، ومن لديه أي دليل حول ما يقول فليأت به. للأسف هناك آلة مهمتها طحن الناس النزهاء لأن المفسدين في البلاد يأخذون الثروات ولا يؤدون الضرائب وينجحون بالتزوير، ولا يريدون أن يروا أمامهم من يحرجهم بنزاهته، وهنا أقول خاصة للصحافة والمدونين، حذار من ظلم الناس خاصة مدبري الشأن العام، لأن النزهاء هم الأكثرية في هذا البلد. إن المفسدين قلة ولكن «عندهم الجبهة» ويفهمون القوانين ولديهم من يدعمهم، وأنا من هذا المنبر أقول لكل من ظلمني «الله يسامح».
انتخبت حركة التوحيد والإصلاح أوس رمال رئيسا جديد لها، كيف ترى مستقبل الحركة في ظل قيادتها الجديدة؟
أتمنى التوفيق لأوس رمال، وأنا ذهلت من المؤتمر الذي أكد حضور الحركة وقدرتها على التجديد الذي قامت به منذ مدة من خلال تأكيدها على الولاء لهذا الوطن والإيمان التام بالثوابت وبمؤسسة إمارة المؤمنين. وأعتقد أن المغاربة من حقهم أن يكون لديهم منتوج ثقافي ودعوي يوافق التحديات المطروحة على الوطن ويواجهها المجتمع والمواطن، كما أعتقد أنه يمكن للحركة بقيادة أوس رمال أن تقوم بدور فعال بنوع من التجديد الذي يساير العصر.
عشر سنوات من الاستوزار، وفي قطاعات حيوية، هل تعتقد أنك قمت بواجبك كما ينبغي؟
أنا أحمد الله على ما قمت به، ومستقبلا سأكتب عن مساهمتي في هذه القطاعات في ظل البناء المؤسساتي الذي يرعاه جلالة الملك. أستطيع أن أقول بأن حزب العدالة والتنمية أوفى نسبيا بوعوده، حيث قمنا بإصلاحات كبيرة انضافت لما قام به السابقون. وأنا شخصيا أعتقد أنني قمت بدوري وتقديم إصلاحات همت النقل واللوجستيك والبنية التحية من خلال قوانين ومساطر، وقمت بإصلاحات في مجال الطاقة والمعادن والبيئة، طبعا بتعاون مع الإدارة والمؤسسات التابعة لهذه القطاعات وهي كثيرة، خاصة وأنني كنت أدير قطاعات حيوية كبيرة وحساسة. عموما أنا راض بنسبة 7 حتى 8 على عشرة عما قمت به وهناك أشياء لم أنجح في القيام بها. ربما الوقت لم يسعفني، وربما كانت هناك عراقيل خاصة عندما يكون هناك ملف فيه كثرة المتدخلين. ونطلب من الله أن يسامحنا على أي تقصير، كما أتمنى أن لا أكون قد ظلمت أي مواطن أو أي شركة، وإذا حدث ذلك فأنا أطلب «المسامحة».