الصحافة الحرة بين مطرقة القوانين وسندان التضييق …
عن الدولية للإعلام / بقلم : عبدالرحيم بخاش
في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها الساحة الإعلامية والسياسية، يظهر أن الأزمات التي تواجه حرية الصحافة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات طويلة استهدفت تقويض الإعلام الحر والنزيه. قضية « بطاقة الملاعب » ليست سوى غيض من فيض الأزمات التي تطفو على السطح، في حين أن القضايا الأخطر تكمن في الخفاء، تحت مظلة قوانين قد تكون تهديداً مباشراً لحرية التعبير واستقلالية الصحافة.
بطاقة الملاعب: مشكلة سطحية أم قنبلة موقوتة؟
يبدو أن « بطاقة الملاعب »، التي أُثيرت حولها ضجة كبيرة، تتجاوز في ظاهرها الهدف الرياضي أو التنظيمي لتتحول إلى أداة جديدة للتحكم في أصوات الإعلاميين، خصوصاً الرياضيين. الغريب في الأمر هو الدعم غير المفهوم الذي حظيت به هذه البطاقة من شخصيات سياسية بارزة ورؤساء هيئات مختلفة، في وقت يُحاكم فيه الصحفيون النزهاء الذين يرفعون أصواتهم دفاعاً عن المصلحة العامة
ورغم أن هذه البطاقة تفتقد لأي سند قانوني واضح، إلا أن الأدهى من ذلك هو ما تمثله كرمز جديد لتكميم الأفواه والسيطرة على حرية الرأي. ولكن، كما يُقال، « ما بُني على باطل فهو باطل »، وهناك أمل في أن الجمعيات الصحافية والهيئات المستقلة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لإبطال هذه الخطوة
الأخطر: قوانين تدفع الصحافة المستقلة نحو الهاوية
في خضم الحديث عن بطاقة الملاعب، تطفو إلى السطح أزمة أشد خطورة، تتعلق بالقوانين الجديدة التي تعمل الحكومة على المصادقة عليها. هذه القوانين تحمل بين طياتها شروطاً تعجيزية للحصول على الدعم المالي، بالإضافة إلى قيود صارمة على مديري النشر، مما يهدد بشكل مباشر الصحف الصغيرة والمستقلة بالإفلاس والاختفاء من المشهد الإعلامي.
إن هذه القوانين، وإن بدت في ظاهرها تسعى لتنظيم القطاع، إلا أن الواقع يكشف عن نوايا مبيتة تهدف إلى الحد من استقلالية الإعلام، وحصر الساحة في أيدٍ موالية، مما يؤدي إلى قتل الأقلام الحرة والتضييق على منابر النقد البناء
ما المطلوب؟
أمام هذه التحديات، يتعين على الصحافيين والنقابات والهيئات المستقلة أن تتحرك بشكل جماعي لمواجهة هذا الزحف التشريعي الخطير. كما يجب على الرأي العام أن يكون واعياً بما يحاك خلف الكواليس، لأن حرية الإعلام هي الضامن الأول للديمقراطية والشفافية
إن الصحافة الحرة ليست مجرد أداة لنقل الأخبار، بل هي ركيزة أساسية لأي مجتمع ديمقراطي. التضييق عليها يعني القضاء على أحد أهم أعمدة الشفافية والرقابة الشعبية. لذا، فإن النضال من أجل الحفاظ عليها ليس خياراً، بل ضرورة حتمية لضمان مستقبل مشرق تسوده حرية التعبير واحترام الحقوق