د.الحسن عبيابة يتساءل: ماهي الحكومة التي ستشرف على الإنتخابات المقبلة ؟
تعرف الساحة السياسية المغربية تحولات وتجاذبات سياسية كلها تتحدث عن قدرتها على تصدر الانتخابات المقبلة لسنة 2026، وكأن الحملة الإنتخابية بدأت قبل أوانها، وخصوصا الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة الحالية التي تركت تنزيل البرنامج الحكومي للمجهول وتركت الغلاء الفاحش يتزايد ، والبطالة المتفشية وغموض السياسات الحكومية بشأن المستقبل.
للإنتباه فقط، فإن الأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية كلها أعلنت على لسان قيادييها بأنها ستتصدر الإنتخابات البرلمانية المقبلة، وكأن مشكل المغرب الآن هو من سيتصدر الإنتخابات المقبلة، في حين أن المغرب يحتاج لمن يستطيع حل المشاكل المقبلة، ومحتاج أيضا لمن يحافظ على الإجماع السياسي الوطني.
. إننا في المغرب لانمتلك مؤسسة رسمية مستقلة للقيام باستطلاع رأى حول الإنتخابات أوغيرها، وهي التي يجب أن تتحدث في هذا الموضوع إن وجدت، بل أن القانون يمنع أي إستطلاع أو أي توقعات قد تؤثر على الواقع السياسي أو تقوم بتضليل الرأي العام.
. إن إجراء أي إنتخابات ليس فيها تكافؤ الفرص لوجيستيا وسياسيا، تبقى بعيدا عن المسار الديمقراطي ، كما أن الإنتخابات المقبلة يجب أن تكون تحت إشراف حكومة مستقلة أو وطنية لضمان تكافؤ الفرص بين باقي الأحزاب السياسية الوطنية، حفاظا على التعددية الحزبية التي ينص عليها الدستور المغربي.
. إن الأحزاب السياسية التي تدعي بأنها ستتصدر الإنتخابات هي التي أوصلت البطالة إلى 21%، وهي التي خلقت التضخم ورفع الأسعار بطريقة بنيوية، وقد أشار آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط في بداية 2025، إلى أن 80,0% من الأسر أكدت أن الظروف غير ملائمة لاقتناء السلع الغذائية والأساسيةبالإضافة إلى أن الحكومة تبنت الدولة الإجتماعية ولم تحقق منها أي شىء حتى الآن، فهل يمكن للحكومة الحالية إذا إستمرت في هذه النتائج السلبية أن تقنع المغاربة، ولو تصدرت الانتخابات “تقنيا ولوجيستيا”، لأنه من الممكن لهذه الأحزاب أن تتصدر الانتخابات تقنيا ولوجستيا وترفض شعبيا، ويصبح تصدر هذه الإنتخابات مشكلة سياسية في البلاد، فالمواطنون هم الذين يرتبون الأحزاب السياسية وإنجازاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حسب الواقع الملموس وليس حسب أرقام النتائج الانتخابية.
. أدعو هذه الأحزاب بكل لطف بأن تبتعد عن هذا الخطاب لأنه سيستفز الجميع، ولايخدم النظام الديمقراطي ببلادنا، ويرسخ الإحتكار السياسي والمؤسساتي، ولازال هناك وقت مستقطع للحكومة لكي تنجز ماتأخر في البرنامج الحكومي إن استطاعت … !
. إن الحكم على نجاح برنامج الحكومة وتسويقه سابق لأوانه ، لأنه لم يكتمل بعد، وتسويق القليل منه حاليا يبدو بأنه عملية مملة في المشهد السياسي الحالي .
. التجربة الثلاثية لأحزاب الأغلبية لم تؤت أكلها لحد الآن، وإنما خلقت إحتكارا سياسيا مركزيا وجهويا ، وأقصت الأحزاب الأخرى من التدبير الجهوي ببلاغات سياسية قبل الانتخابات الجهوية، وكان الأمر بمثابة إعلان نتايج جهوية سابقة لأوانها، خلافا للعملية الديموقراطية ، النتيجة هي أن مشاريع الجهات معظمها شبه متوقف .
. إن احتكار العمل السياسي والحكومي بالطرق المعروفة يضرب الإجماع السياسي الذي نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى ، نظرا لطبيعة الملفات السياسية والحساسة المقبلة
. على الحكومة الحالية أن تهتم بالملفات العالقة والحساسة وتخلق تعبئة وطنية حقيقية حول القضايا الكبرى التي يقودها جلالة الملك بإقتدار في ظروف جد دقيقة، وليس التعبئة للإنتخابات قبل الأوان .
الأستاذ الحسن عبيابة: رئيس مركز إبن بطوطة للدراسات والأبحاث العلمية والإستراتيجية، ووزير سابق