تطبيقات المراهنات تجتاح الشباب المغربي..هكذا تعمل هذه المافيا؟
جميعا لمحاربة هذا السرطان الدخيل على اقتصادنا الوطني
فالتحديات الكبيرة التي تواجهها المغربية للألعاب والرياضة، من تهديد لمافيا الرهانات غير القانونية التي تنتشر دوليًا وتجد أرضًا خصبة في المغرب، مما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للدولة. وهكذا لاتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة يدعو إلى ضرورة تسريع مصادقة المغرب على “اتفاقية ماكولين” لمكافحة التلاعب بالمسابقات الرياضية.
مع التأكيد على التزام اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة بالتعاون مع كافة المؤسسات الرياضية الوطنية لحماية المغربية للألعاب والرياضة من هذه الأعمال الإجرامية وحماية المغاربة من مافيا الرهانات الفاسدة وغير الشرعية …
تطبيقات المراهنات تجتاح الشباب المغربي..هكذا تعمل هذه المافيا؟
تفاصيل دق ناقوس الخطر تحملها وثائق وشهادات بالإضافة إلى مقاطع فيديو اطلع عليها، تفضح مرور تطبيقات الرهان غير القانوني ومعها اليانصيب… للسرعة القصوى في اختراق السوق المغربية، ومحاربة الشركات المغربية المرخص لها بالاستثمار في المجال، عبر استقطاب وكلائها، وإقناع أصحاب محلاتها ونقط بيعها المرخصة بالتحول للاشتغال لحسابها.
وتفضح الوثائق التي حصل عليها الموقع، نهج هذه التطبيقات لسياسة الإغراء والتهديد والمساومة، فضلا عن التحكم في مصائر المراهنين، عبر خلق شبكات مهمتها إنشاء حسابات للرهان واللعب غير القانونيين، وتجميع الأرباح في حسابات بنكية 70 في المائة منها تفتح بهوية نساء، بغرض التمويه على مصدر الأموال المتحصلة وطريقة إعادة توزيعها على المتنفعين منها …
كيف تتم عملية الاستقطاب ومن يتكفل بها؟ ما هي طرق الإغراء والتهديد؟ ما هي طريقة توزيع الأرباح؟ أين تمارس هذه الأنشطة غير القانونية؟ وكيف عادت “الرياشات” بصيغة رقمية؟
*** استهداف مباشر
مع بداية العام الجاري، تم رصد تنقل مجموعة من الوكلاء الأجانب بين المحلات ونقط البيع المرخص لها بتقديم منتوج الرهان الرياضي القانوني وغيره من الألعاب، تحديدا بمدن الشمال، لإقناع أصحابها على توجيه المراهنين نحو تحميل تطبيقات الرهان واللعب غير القانونيين، بل والاشتغال معهم مقابل نسبة من الأرباح …
ويقول أحد المصادر الذي قبل الحديث حول هذا الموضوع مع التشديد على إخفاء هويته “منذ شهر يناير الماضي، يتنقل ممثلون لشركات الرهان واللعب مقابل الربح في الإنترنت، بين المحالات المرخص لها، لإقناع هؤلاء بالعمل لحسابهم. هناك فيديوهات تم توثيقها من طرف بعض الوكلاء وأصحاب المحلات، وتم إرسالها لإدارة (MDJS) قصد التدخل لوقف هذه الممارسة، لأنها تستهدف بالدرجة الأولى نقط بيعها”.
ويضيف في شهادته: “استطاع ممثلو تلك التطبيقات اقناع مجموعة من أصحاب المحلات ونقاط البيع المرخص لها. وهم اليوم يعملون تحت امرتهم. بل أصبحوا يشتغلون بطريقة التشبيك، أي اقناع مجموعة من الزبناء على لعب الرهان غير القانوني، مقابل تسهيلات إنشاء حسابات لهم بدون الحاجة لهويتهم الوطنية، ودون الحاجة لفتح حسابات بنكية قصد تحصيل الأرباح”.
وعن هوية ممثلي هذه التطبيقات، يجيب المصدر ذاته: “أشخاص أجانب. ما هو معروف في المغرب هو تطبيق 1XBET لكن هناك تطبيقات أخرى إما تابعة له أو مستقلة عنه، تنشط بقوة في السوق المغربية، وبدأت تتغلغل داخل مختلف الفئات”.
هل وحدها محلات ونقط بيع المغربية للألعاب والرياضة المستهدفة؟ يجيب : “لا”.
ويوضح: “التطبيقات غير القانونية لا تقتصر على الرهان الرياضي، بل امتدت إلى اليانصيب وسباقات الخيول”.
تحول تؤكده وثائق تظهر إنشاء حسابات للعب غير القانوني بالمغرب، بالإضافة إلى أرقام حسابات بنكية مرتبطة بها، وأيضا توفر مجموعة منها على ربط مباشر بوكالات تحويل الأموال أو تعبئة الهاتف، قصد تسهيل حركة المبالغ المالية التي توضع في اللعب وتحصيل الأرباح.
مصيدة الإغراء قبل التهديد
“معنا سوف تربحون أكثر كل ما استقطبتم المزيد”. هذه هي مصيدة سماسرة تطبيقات الرهان الرياضي واللعب غير القانونيين، لإقناع أصحاب المحلات ونقط البيع، للخروج من مجال يحكمه القانون وتؤطره التشريعات الخاصة بالمغرب.
وبخصوص هذا الجانب، وحسب من وثائق وشهادات، يطلب سماسرة مواقع الرهان غير القانوني واليانصيب بالإضافة إلى سباقات الخيول، من أصحاب المحلات ونقاط البيع بعد إقناعهم المبدئي بعرضهم، الاطلاع على العقود التي تجمعهم مع الشركات المغربية القانونية.
وبعد الاطلاع عليها، يعرضون عليهم الرفع من هامش الربح الذي قد يتحاوز 40 في المائة، وذلك حسب قوة نشاطهم في المجال وعدد من يتردد على محلاتهم ونقط بيعهم من لاعبين في الشهر …
ويتحدث أحد شهود عن وجود “نبرة تهديد تجاه من يرفضون الالتحاق بقطار الرهان واللعب غير القانونيين”.
كيف؟ يوضح الشاهد ذاته: “أصحاب المحلات ونقط البيع يتعاملون مع وكلاء معتمدين، وهؤلاء هم الذين يتحكمون في المبالغ التي تشحن بها أجهزة اللعب، وذلك حسب الإقبال في مختلف المناطق. مثلا هناك أجهزة تدور ب30 ألف درهم وأخرى ب10 آلاف درهم. عدد من أصحاب المحلات ونقط البيع، يفاجؤون بعد رفضهم لعروض سماسرة التطبيقات غير القانونية، بأن مبلغ اللعب المرخص لهم يتقلص بأكثر من النصف، بل منهم تصل عتبته لأقل من 200 درهما في اليوم”.
من يتحمل مسؤولية هذا الاستهداف؟ يجيب مصدر الموقع: “قرار خفض قيمة شحن أجهزة الرهان واللعب يتحكم فيه الوكلاء المعتمدون. وهنا تطرح علامات استفاهم تجاه هؤلاء الذين يشتغلون لحساب الشركات المرخص لها!”.
“رياشات” رقمية
قبل سنوات خاضت السلطات الأمنية حملة لتطهير عدد من المقاهي بمختلف المدن من آلات لليانصيب والرهان والقمار غير القانونية. كانت تعرف حينها ب”الرياشات”. ولا تزال بعض حالات ضبطها بالمدن الصغيرة تحديدا.
هذه الآلات يظهر اليوم أنها تحولت من “ماكينات” كان يمكن ضبط أين توضع إلى تطبيقات أصبح لها سماسرة ووكلاء يستقطبون من يُدمنها بدون حسيب ولا رقيب …
في هذا السياق يصرح مصدر من مدينة طنجة، إن “شركات التطبيقات غير القانونية، أصبحت تعمل بحرية مطلقة ولا أحد يحاسبها، بل أصبحت تتوفر على محلات مفتوحة للعموم”.
ويكشف المصدر ذاته في شهادته، أن “مهمة المسؤولين أو المشرفين عن هذه المحالات، هو استقاطب اللاعبين، حيث يقومون بشحن حسابات اللعب عند أشخاص معينين مكلفين بهذه العملية”.
بل ذهب حد القول إن “المحلات ونقط البيع المرخص لها لم تعد وحدها المستهدفة، بل تم استقاطب أصحاب ومسيري عدد من محلات المقاهي السريعة (COFFE SHOP)”.
من المسؤول عن حركة الأموال داخل هذه التطبيقات؟
ما هو مؤكد بناء على الأبحاث التي تمت منذ حصوله على الوثائق واستماعه للشهادات، بخصوص هذا التطور الخطير الذي طرأ في طريقة اختراق تطبيقات الرهان واللعب غير القانونيين للسوق المغربية، أنها لا تتوفر على أي سند قانوني لممارسة هذا النشاط سواء بطريقة مباشرة وعبر وكلاء أو وسطاء.
كما أن النزاعات التي قد تطرأ مع هذه التطبيقات لا يمكن حلها بشكل قانوني، وتضيع حقوق الآلاف يوميا بالنظر لغياب ممثل قانوني لها أو مقر اجتماعي بالمغرب.
في هذا الصدد، يكشف محامي بهيئة الدار البيضاء أنه “توصل بملفات من عدد من موكليه، فازوا بمبالغ مالية بعد استعمال إحدى تطبيقات الرهان الرياضي غير القانوني، لكن تم تجميد حساباتهم، ورفض من يديرها من وراء ستار، تحويل قيمة الأرباح إلى حساباتهم البنكية”.
ويضيف المحامي أنه لم يجد أي مخاطب أو عنوان مقر يتم من خلاله تبليغ شكاية الضحايا، ما يضيع على هؤلاء كل حقوقهم.
في السياق ذاته، يجب الإشارة إلى أن كل حسابات من يراهنون أو يلعبون عبر هذه التطبيقات غير القانونية، تبقى رهينة من يتحكمون فيها من خارج المغرب.
ما يدفع لطرح السؤال أيضا عن كيف يتم إخراج الأرباح الخيالية التي تحصدها هذه الشركات.
خاصة وأن الحسابات التي تتم من خلالها عمليات الرهان واللعب غير القانونيين، مفتوحة لدى أبناك بالمغرب، فيما الأموال تضخ في حسابات شركات توجد خارج أرض الوطن، ولا يمكن أن تتصرف فيها، دون تحويلها إلى العملة الصعبة ثم عبورها لحدود مكتب الصرف!
دون إغفال أن هذه التطبيقات أصبحت تسخر حتى وكالات تحويل الأموال وتعبئة الهواتف في الرهان واللعب غير القانونيين
“1xbet” غير القانونية.. شكايات على مكاتب مدراء مؤسسات الدولة ومسؤولي الأبناك وشركات الاتصالات
تمارس شركة “1xbet” الروسية للرهان الرياضي أنشطتها على الإنترنت في المغرب بشكل علني ودون أي تأطير قانوني، بل لا تؤدي الشركة أي ضرائب أو رسوم للدولة المغربية، كما تستنزف الملايير من احتياطات العملة الصعبة سنويا، والمثير استمرار صمت المؤسسات ضد هذه الممارسات غير القانونية، ما يطرح عدة تساؤلات.
وكشفت وثائق حصل عليها موقع “تيلكيل عربي”، أن المغربية للألعاب والرياضة “MDJS” بصفتها صاحبة الحق في الإستثمار الحصري، راسلت عدة جهات من ضمنها والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، ومدير مكتب الصرف حسن بوقنادل، والتجمع المهني للأبناك ومدراء شركات الإتصالات، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى عمومية وخاصة، إلا أن أي تحرك على أرض الواقع لم يسجل لحدود كتابة هذه الأسطر.
رأي القانون
“إن شركة (1xbet) غير مسجلة ضمن نطاق الشركات المخول لها قانونا الاستثمار في المغرب، وليس لها ضوابط، ووجودها غير قانوني مما ينزع عنها صفة الاستثمار”… “فمجال اليانصيب يبقى ذو صبغة احتكارية تسيره شركة في ملكية الدولة مما يعني عدم المصادقة على أي شركة أخرى في هذا المجال”.
والأدهى من هذا أنه “حتى في حالة نزاع مع هذه الشركة لا يمكن الاحتكام للقضاء الوطني، لأننا أمام هوية غير وطنية والتعامل مع هذه الشركة يكتسي الصبغة الجنحية”.
كما أنه “على النيابة العامة التحرك لضبط تحركات الشركة وتطبيق القانون، خصوصا في ظل وجود أنشطة لها على الأرض”.
كما أن “العقود الإعلانية للأندية الرياضية مع هذه الشركة تستوجب وجود فرع لها في المغرب”.
سرابية “الرهان الإلكتروني”
وبخصوص الاشكالات القانونية قال الخبير الاقتصادي مهدي فقير في تصريح لموقع “للجريدة”: “التجارة الإلكترونية تطرح إشكالات قانونية علما أن القوانين في المغرب في طور الإنتاج وقانون مالية 2024 ضرب على القيمة المضافة”.
وأوضح الفقير أن “العملية معقدة تقنيا، ومنظومة الصرف تسمح ببعض المشتريات في حدود تؤطرها نصوص القانون، كما أنه بات من الضروري إخراج تشريعات للتعامل مع هذه الظاهرة الجديدة.
وشدد في الوقت ذاته على ضرورة الإنتباه لما وصفه ب”احترافية منظومة الصرف”.
إجراءات غير كافية…
للإشارة وعقب تحقيق نشرته مجلة “النخبة” وموقع “النخبة.أنفو”، طرح موضوع النشاط غير القانوني لشركة “1xbet” داخل البرلمان، وطالبت عدد من نواب الأمة باتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المطبقة.
وجدير بالذكر ، كشفت مصادر لـ””النخبة ” ، أن وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية وضعتا شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، من أجل فتح تحقيق في نشاط شركة الرهان الرياضي “1XBET” التي تنشط عبر وسائط رقمية.
وأضافت المصادر ذاتها، أن الوكيل العام للملك أمر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالإشراف على التحقيق في أنشطة الشركة التي تنشط بشكل غير قانوني في المغرب.
… نشاط مستمر
ويلاحظ رغم الإجماع الحاصل على أن نشاط الشركة الروسية غير قانوني فوق تراب المغرب، إلا أنها تستمر في الاستفادة من وسائط الأداء وتحصيل “الأرباح”، سواء البنكية منها أو التي تتيح اللعب بتعبئة شركات الاتصالات.
بل كثفت الشركة من حملاتها الإعلانية، من خلال استقطاب من يروجون لنشاطها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات بث الفيديوهات.
ويبقى التحدي الأكبر أمام المغرب هو تنظيم كأس أمم إفريقيا عام 2025. خاصة وأن الشركة واحدة من الداعمين الأساسيين لجاهز “الكاف” والمسابقة.
فهل سيفتح المغرب بمبرر استضافة “كان 2025” ترابه الوطني وسيادته في وجه شركة تُطرد موسما بعد آخر من عدد من الدول؟!