المغرب يصنع التاريخ في باريس: أسود الأطلس تروض الفراعنة بسداسية
عبد القادر الفرساوي
في يوم استثنائي من أيام باريس، تحت سماء الأولمبياد الزاهية والمفعمة بالألوان، وقف المغاربة شامخين يتأملون لوحة فنية تُرسم أمام أعينهم على أرض الملعب، حيث تشابكت أنامل القدر لتنسج حكاية فريدة، مليئة بالمجد و التحدي، تصفحها أسود الأطلس بنجاح في مواجهة جريئة مع الفراعنة المصريين. كان هذا اللقاء في سياق منافسات كرة القدم لأولمبياد باريس 2024، ليحدد المركزين الثالث والرابع، لكن في الحقيقة كان أكثر من مجرد مباراة رياضية؛ كان ملحمةً تُسطر بحروف من ذهب في سجلات التاريخ.
انطلقت صافرة البداية، وكأنها ترسم الطريق لملحمة أسطورية بطلها فريق المملكة المغربية. في الدقيقة 22، أضاء النجم الساطع عبد الصمد الزلزولي بريق الأمل في قلوب الجماهير المغربية، بتسجيله الهدف الأول بطريقة
عجزت الألسنة عن وصفها، وبدت كأنها بدايةً لفصل جديد من التألق المغربي. كانت تلك اللحظة بمثابة شرارة أشعلت فتيل الإبداع في نفوس أسود الأطلس، الذين اعتلوا المسرح الكروي ليؤكدوا أن زمن المغرب قد أتى.
مع مرور الدقائق، ظهر فريق المغرب في الملعب كالسيف اللامع، يمزق شباك الخصم بمهارة وإبداع. كان سفيان رحيمي، ذلك الفتى الموهوب، هو بطل الفصل التالي من هذه الملحمة، عندما سجل هدفين في الدقيقتين 25 و64، مُبرزًا مهارته الفائقة وكأنها موسيقى تتراقص على أوتار الكرة. وكأن الهدف كان عزفًا منفردًا في سيمفونية النصر التي يقودها رحيمي ورفاقه. أما بلال الخنوس، فقد انبرى لتسجيل الهدف الثالث في الدقيقة 51، ليُعلي من شأن المنتخب المغربي كالموجة التي لا توقفها الصخور.
أكرم نقاش جاء ليضع بصمته في الدقيقة 73، والهدف الذي سجله كان كأنما يعيد صياغة الحكاية بلغة الفخر والانتصار، ليبرهن على علو كعب أسود الأطلس في هذه المعركة الكروية. وكان مسك الختام بأقدام الفارس
أشرف حكيمي، الذي أطلق ركلة حرة سكنت الشباك في الدقيقة 86، وبدت كأنها توقيع البطل على وثيقة الفخر والنجاح.
لقد كان هذا النصر بمثابة إشراقة لفجر جديد في تاريخ كرة القدم المغربية خاصة والعربية عامة، حين حملت أسود الأطلس على أكتافها أحلام الملايين من العرب والأفارقة، مؤكدة أن العزيمة والإرادة قادرتان على صنع المستحيل. وكان هذا الإنجاز استكمالًا لما قدمه المنتخب المغربي في كأس العالم 2022، حيث أبهر العالم أجمع بمستوى لعبه، محققًا إنجازات لم تكن في الحسبان، وموضحًا أن الطموح ليس له حدود.
في أرض الملعب، كانت أسود الأطلس تتحرك كالسيوف اللامعة، تخترق صفوف الخصوم بأداء ساحر، يذيب الجليد في قلب باريس ويبعث الحرارة في روح الحماس. في هذه المباراة، لم يكن الهدف مجرد ميدالية برونزية، بل كان إثباتًا للعالم أن المغرب قادرٌ على قلب موازين كرة القدم العالمية. قدموا عرضًا كرويًا رائعًا، يعجز اللسان عن وصفه، وعجزت الأنظار عن اللحاق بتفاصيله؛ عرض جعل كل مشجع يرفع رأسه بفخر
واعتزاز، وكأنهم قالوا للعالم بصوتٍ واحد: “نحن هنا، نحن المغرب”.
لم تكن مباراة المغرب ومصر مجرد منافسة رياضية، بل كانت حدثًا تاريخيًا كتبته أسود الأطلس بحروف من ذهب، في تاريخ مليء بالتحديات. كان هذا الإنجاز يمثل انتصارًا حقيقيًا للروح الرياضية، ويظهر أن الأحلام يمكن تحقيقها عندما تتحول الإرادة إلى قوة تدفعنا نحو القمة.
لقد أضاف المغرب إلى تاريخه إنجازًا لا يُنسى في عالم الرياضة، معلنًا عن بدء عهد جديد من الانتصارات والمجد. أثبت أسود الأطلس أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي لغة عالمية تنطق باسم التفوق والتفاني والإبداع، وبأنهم السيوف التي تُرفع عالياً لتصنع التاريخ وتكتب قصص النجاح.
في نهاية هذا اليوم التاريخي، يقف المغرب شامخًا، يحمل على أكتافه عبء الإنجاز والفخر، ليؤكد للعالم أن أسود الأطلس قد ارتفعت إلى قمة المجد بأداء استثنائي. سيظل هذا النصر حكاية تروى للأجيال، إلهامًا
لكل رياضي وطموح، يُظهر أن بالإرادة والعزيمة يمكن للمرء أن يتحدى المستحيل ويحقق الأحلام.
ها هي أسود الأطلس تفتح أبواب المجد، وتدعو الجميع للإيمان بأنفسهم وبقدرتهم على التفوق. إنهم لم يكتفوا بتحقيق الميدالية البرونزية، بل ذهبوا أبعد من ذلك ليحققوا مكانتهم كأيقونة للنجاح في عالم كرة القدم الأولمبية. المجد للمغرب… المجد لأسود الأطلس!