المجتمع

“الرسالة الملكية حققت ما فشلت فيه الحكومة على مستوى القدرةالشرائية”

يبدو أن الدستور المغربي 2011, كان متقدما جدا بترسيخه إمارة المؤمنين في الدستور بحمولتها الدينية والدنيوية في الفصل 41 والفصل 42 , حيث ينص الفصل 41 من الدستور على ((…..يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل ))، وينص الدستور المغربي كذلك في الفصل 42 بأن الملك (.….ضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، الملك هو ضامن استقلال البلاد ) .

. لو تمعنا جليا في هذين الفصلين لأدركنا أهمية إمارة المؤمنين في الأمور الدينية والدنيوية ، بحكم أن جلالة الملك هو الضامن لدوام الدولة واستمرارها، وهو الحكم الأسمى بين مؤسساتها، وهو الساهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية،
وبما أن هذه الصلاحية تضمن جميع الحقوق للمغاربة جميعا الدينية والدنيوية،فإننا سنحلل الرسالة الملكية التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بخصوص عدم ذبح أضحية العيد لهذه السنة .

. من خلال تحليل دقيق وعميق للرسالة الملكية نجد أن جلالة الملك حفظه الله خاطب شعبة الوفي عن طريق الرسالة الملكية يومه الأربعاء 27 شعبان 1446ه الموافق ل26 فبراير 2025م حول موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، بصفته أمير المؤمنين الذي سيحل بعد أقل من أربعة أشهر، وذكر جلالته بأن تعرف بلادنا تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية التي تستهلك في عيد الأضحى ،
تقول الرسالة الملكية : (( …..ولهذه الغاية، وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود) .

. يتضح من خلال الرسالة الملكية حكمة جلالة الملك في معالجة العديد من القضايا الإجتماعية والإقتصادية التي عجزت عنها بعض المؤسسات الحكومية المرتبطة بمناسبة عيد الأضحى منها :

. إن الرسالة الملكية في شقها الديني في ساهمت بشكل كبير في رفع الحرج والضرر على المواطنين المغاربة إنطلاقا من قوله تعالى “وما جعل عليكم في الدين من حرج”، وإنطلاقا من القاعدة الأصولية المعروفة ” أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة”.
كما أن الزكاة والحج وهما ركنان من أركان الإسلام ولكنهما مرتبطين بالإستطاعة المادية والمعنوية .

. كما أن الرسالة الملكية في شقها الإقتصادي ساهمت في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين لمدة شهور ، وخففت من حدة الإحتياجات المادية المرتبطة بذبح أضحية العيد ، مما خلق متنفسا للمواطنين في الشهور المقبلة ، وذلك بعدهم تكلفهم مبالغ مالية كبيرة لتوفير الأموال لشراء أضحية العيد التي ترهن معظم الأسر المغربية لسنة كاملة عبر القروض والديون لشراء أضحية العيد التي إرتفعت بشكل مهول، وهو أمر كان يفكر فيه أغلبية المواطنين المغاربة ، ولاحظنا ذلك كيف أن الرسالة الملكية تلقها المواطنون بترحاب كبير، لأنها رفعت الحرج على فئات واسعة من المجتمع المغربي ، وخلقت إستقرارا إجتماعيا ، كما أن الرسالة الملكية حسمت كذلك في موضوع إستراد المواشي من الخارج الذي أضر بالقدرة الشرائية في السنة الماضية ، رغم الدعم الذي خصصته الحكومة ، وهذا ماعبرت عنه الرسالة الملكية بأن هذا الوضع ((… سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود) ، وبالتالي فإن جلالة الملك فكر في رعاياه الأوفياء من ذوي الدخل المحدود وهي الفكرة التي لم يلتفت إليها أحد .

. أن جلالة الملك أهاب بشعبة بأن يحيي عيد الأضحى وفق طقوسه المعتادة ، وهو تأكيد من جلالة الملك لإقامة عيد الأضحى بطقوسه كاملة من إقامة الصلوات والأفراح بهذه المناسبة الدينية العظيمة في ديننا الإسلامي الحنيف .

. إن المغرب شهد عبر تاريخه الحديث، قرارات ملكية بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية في عيد الأضحى خلال سنوات 1963، 1981، 1996، وأخيرا 2025، حيث كانت كل هذه القرارات لظروف اقتصادية وبيئية استثنائية أثرت على إنتاج الثروة الحيوانية بصفة عامة والمواشي بصفة خاصة،

. أن الرسالة الملكية في شقها الدستوري تؤكد أن صلاحية جلالة الملك بصفته أميرا للمؤمنين تشمل الدين والدنيا لحماية شعبه وبصفته الدستورية هو الحكم الأسمى بين مؤسساتها .

الحسن عبيابة
. رئيس مركز إبن بطوطة للدراسات العلمية والإستراتيجية
. ووزير سابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى