المجتمع

رحلة الإصلاح في التعليم: بين الخيبة والتحديات

رحلة الإصلاح في التعليم: بين الخيبة والتحديات

عبد القادر الفرساوي

نظام التعليم في بلادنا يتجاوب مع متاهات الفشل، يتنافس مع خيباته ويجد نفسه غارقًا في دوامة لا تنتهي، ويظهر ذلك بوضوح يوميًا من خلال طفرة متسارعة من الإخفاقات. آخرها، كان تقرير للجمعية الدولية لتقييم الأداء التربوي حيث كشف عن تراجع ترتيب التلاميذ المغاربة في مجال القراءة بالمستوى الابتدائي، حيث جاءوا في المرتبة 56 من بين 57 دولة مشاركة، بفارق 128 نقطة عن المتوسط الدولي.

هذه النتائج تتجانس وتتفق مع دراسات وتقارير وطنية ودولية، التي تشير إلى أن نسبة التلاميذ الذين لا يتحكمون في كفايات القراءة تتراوح بين 60٪ و70٪. ورغم تأكيد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة على ضعف الأداء، إلا أن السياسات الفاشلة تظل هي السبب الرئيسي لتراجع التعليم.

الترتيب المتأخر الذي تحتله المدرسة المغربية يعكس نتيجة طبيعية لسياسات تعليمية فاشلة، تتبنى إصلاحات دون تقييم لسابقاتها، مما يؤدي إلى استبدال كل إصلاح بآخر دون أدنى فائدة. مثال ذلك هو وزارة التربية الحالية التي أطلقت خارطة الطريق 2022-2026 دون أخذ العبر من الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030.

وإلى جانب ذلك، تعاني منظومة التربية والتكوين من ضعف في الحكامة وغياب للشفافية، وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة. الأموال الطائلة التي يتم تخصيصها لا تسفر عن أي تحسين في جودة التعليم، كما هو واضح في مشروع المخطط الاستعجالي الذي لم يحقق أهدافه.

إذا استمرت هذه السياسات والتقاعس عن إجراء إصلاح جذري، فإن ترتيبنا السلبي سيظل حتميًا في السنوات القادمة، وسنظل نعاني من عجز التحسين ما لم نتخذ إجراءات حاسمة. لا بد من وضع خطة إصلاح شمولية مدروسة، وضمان المشاركة الجماعية لتطبيق وتنفيذ هذه الإصلاحات، إلى جانب تحديد معايير جودة لتحسين ظروف التعليم ومتابعة تطوير البنية التحتية وتحفيز المدرسين.

اليوم، يجب علينا التوقف عن رفع شعارات فارغة وبدء عمل جماعي لإصلاح نظام التعليم، وإذا لم نتحرك في هذا الاتجاه، سنظل عالقين في وحل الإصلاحات السابقة، وستظل مدرسة الجودة للجميع مجرد حلم بعيد المنال. ولا يجوز الاعتماد على الأماني كحلا للمشكلة، فهي لن تحل شيئًا ولن تكون سوى بضائع للموتى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى