كيف يجب أن يعامل النجوم في أيامهم الأخيرة
ضجت وسائل الإعلام العالمية منذ فترة بالمناوشات بين نجم نادي روما الأول فرانشيسكو توتي ومدرب الفريق لوتشيانو سباليتي والتي بدأت بمطالبة قيصر روما بالاحترام ووصلت لحد إبعاده عن التدريب من قبل سباليتي قبل أن تعود الأمور لمجاريها ويصل النادي والأطراف المعنية لتفاهم مرض بحسب وسائل الإعلام . وقد فتح هذا الخلاف دفاتر شكاوي قديمة لجماهير كرة القدم عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الكيفية التي يجب أن يعامل بها النجوم الكبار خاصة الأساطير الذين لعبوا لناد واحد لفترات طويلة للغاية …فماهي الطريقة المثلى للتعامل مع النجوم في أيامهم الأخيرة ؟
بداية …الاحترافية
الاحتراف كلمة تأتي من حرفة وتعني مهنة التي يحصل صاحبها على مدخول شهري لممارسته هذه المهنة وبراعته بها ،ومن هنا جاءت قيم الاحتراف والمهنية بضرورة أداء الواجب الذي تفرضه هذه المهنة على أكمل وجه وفق ضوابط وشروط تسمح للجهة المشغلة بالحصول أعلى إنتاجية من موظفيها مقابل مردود مادي عادل. وبناء على هذا المفهوم فإنه يحق للشركة الاستغناء عن العامل فيها عندما تنخفض انتاجيته لسبب أو لآخر أو على الأقل تقوم بنقله إلى مكان آخر يتناسب مع قدراته الحالية التي تغيرت لسبب أو لآخر.
مفهوم الاحترافية ورغم جفافه وخلوه في كثيراً من الأحيان من العواطف هو الذي حوّل كرة القدم من لعبة أطفال في الشارع إلى صناعة كاملة بأبعاد اقتصادية واجتماعية كبيرة. وبفضله قفزت الرياضة إلى مستويات غير مسبوقة على الصعيد الفني والإمتاعي وباتت من الوجهات الأولى في عالم الترفيه. وبالتالي فكل مبادئ الاحتراف الذي حسّن هذه الرياضة ستطبق على العاملين فيها وعندما تنخفض انتاجية لاعب ما لسبب أو لآخر فمن الطبيعي أن يترك مكانه في الفريق للاعب في حال أفضل حالياً.
ما سبق متفق عليه حتى تصل المسألة إلى اللاعبين الكبار أو الأساطير خاصة الذين أفنوا عمرهم في خدمة ناد واحد لفترة طويلة جداً. ومع انخفاض مستواهم لتقدم العمر أو لأسباب أخرى وخروجهم من تشكيلات فرقهم الأساسية شيئاً فشيئاً يبدأ الحديث عن قلة الاحترام والوفاء لهم من قبل إدارات ناديهم والمدربين الجدد الذين نسوا أو تناسوا ما قدمه هذا النجم للفريق في أيام لم يكن غبراء كما حدث مع ديل بييرو الذي لم يترك الفريق عند هبوطه للدرجة الثانية وراؤول الذي أفنى عمره مع مدريد خاصة في فترة القحط وأيضاً كاسياس الذي حمل يوماً كامل العبء الدفاعي لعدم وجود أي مدافع يعتمد عليه في الفريق وغيرهم الكثير وهنا يطرح السؤال …من معه الحق الإدارة أم اللاعب ؟
طعم المجد
يعيش اللاعب الكبير دورة عمر ملفتة للنظر ، فهو يبدأ كموهبة واعدة ثم ينمو بسرعة ويطرق أبواب النجومية وهو في أول العشرينات . وإن كان لاعباً مجتهداً ويعرف مصلحته فإنه يلتزم بتدريباته بشكل كامل وبنظام حياة صحي مبتعداً عن المغريات الكثيرة التي تتيحها له النجومية فيتحسن بشكل متسارع ويحرز الألقاب الفردية والجماعية ويتحول لمالئ الدنيا وشاغل الناس في وقت مبكر مما يعزز الأنا الخاصة به . وبالتالي يصبح من الصعب جداً عليه قبول فكرة التراجع الطبيعي نتيجة التقدم في العمر وانخفاض طاقته وسرعته بعد الثلاثين مقارنة عما كان عليه في العشرينات من العمر مهما كان هذا الأمر معروفاً، ويكون التخلي عن مركزه الأساسي أشبه بعملية قتل بطيء له خاصة إن كان من صنف اساطير الأندية الذي تحدثنا عنه سابقاً .
الإدارات تعاني دائماً
مهمة أي إدارة في الفريق هي ضمان تقديمه للأداء الأفضل بما يتفق مع ما تملكه من إمكانات.ويعرف عن الإدارات الناجحة دعمها لقرارات المدربين وعدم تدخلها في عملهم لمصلحة أحد. والمدربون المحترفون يحاولون دائماً وضع التشكيلة الأفضل والتي تضمن الفوز وبالتالي فإن استبعاد الاساطير المنتهية يكون منطقياً في منطق الاحتراف ومعه يكون منطقياً دعم الإدارة للمدرب وخياراته على حساب أسطورة آخر أيامه. لكن المعضلة الحقيقية تكمن في أن كرة القدم ورغم اكتسابها ملامح الصناعة بشكل كامل إلا أنها لا تزال في المقام الأول اللعبة الجماهيرية الأولى في العالم وتتداخل فيها المشاعر والعوامل النفسية مع الأداء الفني بشكل يصعب فصله لذلك لابد من مراعاة هذا العامل بشكل جدي. عدا عن المصلحة الاقتصادية في
ما الحل إذاً
الحل الأفضل أن تقوم الإدارة بالاشتراك مع المدرب بموازنة سيئات وحسنات دعم الأسطورة التي قدمت الكثير للفريق . فإن وجدت أن هناك دوراً له على أرضية الملعب فيجب استغلاله بشكل يحقق الفائدة الفنية ويؤمن استمرار دعم الجمهور. وإلا فلابد من تقديم عرض يحفظ له ماء وجهه بعد كل النجومية التي عاشها مع هذا الفريق وكل الخدمات التي قدمها، وفي كل الحالات لابد من الجلوس مع النجم بحضور المدرب والحديث صراحة عن هذا الموضوع وإعطائه خيارات بعيدة عن الإذلال وتليق بتاريخه الكبير دون أن تمس كرامته بطريقة أو بأخرى وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه في معظم الأحيان ولذلك تظهر مشكلة العلاقة بين الإدارات والنجوم بين الفينة والأخرى ولن تنتهي مع توتي أو غيره …لأن إرضاء الناس (ومنهم الجمهور أو النجم نفسه ) غاية لا تدرك أبداً .