عودة البايرن القوية!
وفت قمة البايرن واليوفنتوس بجميع وعودها وكانت بحجم توقعات المتابعين بل وأكثر عبر أداء حوى كل شيء من تكتيك تكنيك ورقي وجمال. مباراة عاش فيها اليوفي حلماً والبايرن كابوساً حتى الثواني الأخيرة عندما سل مولر هدف التعادل لتنقلب الحالة رأساً على عقب ويتأهل البايرن على حساب اليوفي بعد هدفين في الوقت الإضافي وفوز بأربعة أهداف لهدفين .
المباراة أثارت بقوتها الجمهور والنقاد على حد سواء، وكان السؤال المطروح بشدة بعد عودة البايرن القوية بعد التأخر بهدفين وحسمه اللقاء لصالحه، هل أخطأ مدرب اليوفنتوس ماسيمليانو أليجري في تعامله مع مجريات اللقاء وتحديداً في موضوع التبديلات ؟
في سرد سريع لمجريات المباراة حتى الدقيقة سبعين، تكتيك أليجري كان ممتازاً حتى الدقيقة ٦٠ حيث قدم الفريق أداءً متكاملاً ضغط فيه على الخصم في الثلثي ملعبه (أي ملعب اليوفي) مما سمح بانطلاقة سريع في المرتدات كانت نتيجتها هدفين اربكا حسابات جوارديولا وفريقه بأكملها.
وحتى يقدم الفريق أداءً مميزاً كهذا في ظل غياب عناصر أساسية هامة كديبالا وماركيزيو وكيليني وعدم جهوزية ماندزوكيتش فهو بحاجة لبذل جهد أقل ما يقال عنه أنه مضاعف. فكان من الطبيعي أن يتعب اللاعبون خاصة الذين يتميزون بالحركة والركض السريع وأبرزهم طبعاً كوادرادو وموراتا اللذين قدما أداءً رائعاً. وربما يبدو أن أليجري قد تسرّع إلى حد ما في تبديلهما وهما أفضل لاعبين في الفريق ، لكن وللأمانة فإن التعب كان واضحاً عليهما والدليل سقوط كوادرادو على الأرض بعد الفرصة الضائعة نهاية الشوط الثاني التي بدت حزناً لكنها أيضاً كانت بسبب التعب . أما موراتا فخرج وهو يعرج ودون أن يشتكي أو يغضب مما يدل على رضاه عن قرار المدرب. وفي مباريات بهذا المستوى وأمام خصوم بهذه الصعوبة ليس من السهل أن تجمع السرعة والتحمل ، فإما أن تستخدم سرعتك لجزء من اللقاء أو تحملك للقاء كاملاً ، ومما كان واضحاً فإن مهمة كوادرادو وموراتا كانت تسريع اللعب.
الخطأ الذي ارتكبه أليجري لم يكن في تبديل موراتا بل بمن بدّله وهو في حالتنا الكرواتي ماندزوكيتش. فهو لاعب صندوق وقناص وليس من نوعية اللاعبين الذين يجرون كثيراً كموراتا مما أراح دفاع البايرن المفكك إلى حد ما عدا عن عدم جهوزيته البدنية للإصابة. وكان من الأجدى بالمدرب أليجري أن يعطي الثقة لزازا الأسرع والأقوى والذي اعتاد أن يكون ورقة رابحة . حيث أنه كان قادراً على الاحتفاظ بالكرة أكثر بقوة جسده وقادراً أيضاً على تقديم حل التسديد من بعيد بقدمه القوية . أما الخطأ الثاني فكان بإنزال ستورارو مكان خضيرة دون وضوح في الوظيفة فلم يستطع القيام بما كان يقوم به الألماني من ضغط حيث كان مندفعاً إلى الأمام أكثر (وهي بالمناسبة الصفة التي سمحت له بتسجيل هدف التعادل في مرمى البايرن ذهاباً )
الخطأ الأهم الذي ارتكبه الفريق ككل هو الارتخاء الذهني الناجم عن الاعتقاد بأن المباراة قد انتهت مع اقترابها من الدقيقة تسعين حيث تجلت هذه الثقة المفرطة بوضوح من محاولة إيفرا محاورة لاعبي البايرن في مناطقه فكان أن قطعت منه الكرة وبدأت هجمة انتهت بهدف التعادل لمولر. وقد علمتنا التجارب سابقاً أن المباراة أمام فرق ألمانيا لا تنتهي إلا في الدقيقة ٩٩ فما بالكم إن كان المدرب هو جوارديولا المهووس بالانتصارات ؟
ماذا عن جوارديولا ؟
أجمع معظم المتابعين أن جوارديولا قلب الوضيعة بتبديلاته وهذا صحيح والدليل أن تبديله ساهما في صناعة الهدف الثاني وتسجيل الثالث والرابع . لكن الحقيقة أن تبديلات جوارديولا لم تكن قلباً للنتيجة بل إصلاحاً لبدايته الخاطئة وإعادة الأمور إلى نصابها الذي كان يجب أن تبتدئ به أصلاً . فهو بإدخاله تشابي ألونسو بهدف السيطرة على الكرة أكثر أبطأ اللعب وسمح لأليجري بضرب البايرن بسرعة المرتدات عبر مواراتا وكوادرادو. وكان من الأجدى ان يبدأ بألكانتارا وخلفه فيدال خلف المهاجمين ويتم التبديل بين اللاعبين على اعتبار أن كليهما قادر على اللعب بمركزين . وعدم إشراك ألونسو ذهاباً هو ما سمح للبايرن باللعب بسرعة وضغط اليوفي معظم الوقت ، لكن يبدو أن البايرن كان واثقاً من التأهل حتى قبل بداية اللقاء وهو خطأ جوارديولا الثاني بعدم إعداد لاعبيه فكرياً بالشكل الصحيح. وهو ما أدى إلى ارتباكهم خلال الشوط الأول وكاد أن يكلفهم اللقاء بالكامل .
في النهاية كرة القدم عبارة عن جزئيات ، فلو أبعد إيفرا الكرة وأنهى اليوفنتوس اللقاء فائزاً لأصبح جوارديولا أسوأ مدرب في العالم وأليجري أفضلهم ولم يكن لأحد أن يرى أياً من أخطائه السابقة الذكر . أما وقد تمكن البايرن من قلب الأمور لمصلحته فمن الطبيعي أن تطفو هذه الأخطاء على السطح ويصبح جوارديولا العبقري الذي نجح في العودة..حيث أن ما يبقى في عالم في كرة القدم هو النتيجة النهائية فقط وليس الأداء أو الفرص أو الاستحواذ أو التكتيك الجيد .