أخبار منوعة

“انْتِحالُ الصِّفة” يغزو الكرة المغربية .. من ‘الفايسبوك’ إلى القضاء

يوظِّف الكثير من النجوم في مجالاتٍ شتَّى مِنصَّات التواصل الاجتماعي للترويج لأعمالهم، والحفاظ على حبل التواصل بينهم وبين مُتابعيهم وعُشّاقهم، لكن في المقابل، هناكمشاهيرآخرون يؤدَّون ثمن الجانب القاتم لهذه الفضاءات الاجتماعية، والتي تظلُّ المِصداقية من أبرز العيوب التي تَنْخُرهُها.

الكرة المغربية ومكوناتها من لاعبين ومدربين ليسوا بمَعْزِلٍ عمَّا تُفرزه مواقع مثلفايسبوكوتويترمن حساباتٍ مُزيَّفةٍ لا تمت إليهم بِصلة؛ فظاهرةانتحال الصفةفي هذه الوسائط أضحت شائعة ومُترامية الأطراف، حتى صارت جُزءً لا يتجزَّأ من بنيتها بل وقانونها.

ما إنْ تَهُمَّ بوضع إسم لاعبٍ يحوز شعبية محترمة وطنياً في مربع البحث الخاص بموقعفايسبوك، على سبيل المثال، إلاَّ وطالعكَ سيلٌ من الحسابات التي يُصبح من العسير التّحري في مصداقيتها لكمها الهائل، مما يجعل الحساب الرسمي أو الحقيقي إن كان متواجداً يضيع في كومة نظرائه المزيفين.

تذَمُّر بالغٌ

لا يملك محمد أمين البورقادي، حارس مرمى الجيش الملكي، سوى ترديد لازمات الاستهجان والاستياء إزاء ما كان يُنْسبُ إليه من طرف حساب فايسبوكي كان يجرُّ خلفه آلاف الأصدقاء، ويأخذ في نشر التدوينات على هوى مُستعمله، فيما يستقبلها الأفراد الآخرين بتسليمٍ ويقين بأن حامي عرينالعساكرهو صاحب الحساب.

ويقول حارس مرمى منتخب الشبان في مونديال 2005، في تصريح لـالبطولة“: “اضطررت إلى مغادرة عالم فايسبوك منذ ثلاث سنوات، فقد ضِقتُ ذِرعاً من انتحال صفتي من طرف آخرين، الأمر يكتسي خطورة بالغة ما دام يمتد إلى الجانب الشخصي والمهني للضحية“.

ويُتابع قائلا: “في عديد المناسبات، ألتقي بأصدقاء لم أراهم منذ مدة، فيُفاجئونني بمحاولة التعقيب على ما يظنون أنني نشرته في فايسبوك، فأضعهم في الصورة الحقيقة ويعلمون أن ذلك الحساب ليس سوى مزوراً“.

ذات المُعاناة يُكابدها زميله في قلعةالزعيم، المهدي برحمة، الذي أكَّد لـالبطولةمُصادفته لمَتاعب مع وسائل الإعلام والأصدقاء والجماهير جراء الحسابات المزورة المنتشرة بإسمه في فضاءمارك زوكربيرغ، مُشيراً إلى أنه يعجز عن ضبط ذلك والتحكم فيه.

وصرَّح قائد الجيش الملكي والمتوج بلقب كأس أمم إفريقيا للمحليين مؤخراً: “دوما ما أحاول التّبْليغ عن الحسابات المزيفة لدى إدارة فايسبوك، لكنها ما تلبث أن تتكاثر وتتناسل وأجد نفسي في آخر المطاف أمام حسابات جديدة“.

مدرِّبون ذاقوا من نفس الكأس

إنْ كان البورقادي وبرحمة قد انحصر امتعاضهما داخل الإعلام فقط، فإن الحسين عموتة، المدرب السابق لفريق الوداد الرياضي، قد بلغ به حُنقه على ممارسة انتحال الصِّفة إلى رفع شكاية قضائية من أجل مُلاحقة أحد الأشخاص الذين أحدثوا صفحة تتحدّث بإسمه على فضاءفايسبوك“.

الصَّفحة الفايسبوكية التي حاكت هوية عموتة كانت تملك عددا مُهِمّاً من المتابعين، وجرَّت عليه صِراعات مجَّانية، بعدما نشرت بإسمه تدوينة تتهم إدارة الفريق الأحمر وكذلك اللاعبين بالانقلاب عليه، وتعتبر أن رحيله من أسواروداد الأمةكان مُدبَّراً ومدروسا بدقة بدافع تصفية الحسابات.

موجةانتحال الصِّفةالهادرة لم تستثنِ حتى مدرب المنتخب الوطني الأول، هيرفي رونار، الذي يتم استغلال شعبيته من طرف مجهولين على نحو واسع في مواقع التواصل الاجتماعي سواءفايسبوكأوتويترأوأنستغرام“.

والمُثير أن الموقع الخاص بنشر الصورأنستغراميضم حسابا مُوثَّقا من طرف إدارة الموقع ينتحل هوية رونار، مما دفع مساعده في طاقمأسود الأطلس، دافيدد دوتشي، في التبرأ من هذا الحساب، مؤكداً أنالثعلبلا يتواجد في أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي.

ماذا يقول القانون المغربي؟

يبدو القانون المغربيمُتجاوزاًوغيرمُحيَّنفيما يرتبط بظاهرة انتحال الصفة في العالم الافتراضي؛ حيث يقول عبد المالك زعزاع، المحامي بهيئة الدار البيضاء، إن تعامل القانون الجنائي مع هذه الحالات يُحتِّم عليه اللجوء إلى الاجتهادات فقط، ما دام هناك فراغا قانونيا في هذا الجانب.

وأوضح المتحدث نفسه، في تصريح سابق لصحيفةالمساء، بالقول: ” سبق للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء أن عاقبت أحد الأشخاص على ارتكابه جريمة التحريض خلال التعارف بواسطة الهاتف النقال، حيث إن هذه الوسيلة استعملت في مكالمة إحدى الفتيات بعد الواحدة والنصف ليلا لدعوتها إلى ممارسات غير أخلاقية، ولما تأكد القضاء من رقمي هاتفي الطرفين، تمت متابعة هذا الشخص بالتحريض على الدعارة بواسطة الهاتف“.

ويَلفت زعزاع إلى أن القضاء المغربي غالبا ما يُحاول إسقاط انتحال الصفة في أرض الواقع على الفضاء الإلكتروني، في انتظار سنّ المشرع لقوانين زجرية مؤطرة لـجريمةمحاكاة الهوية على المواقع الاجتماعية خصوصا والشبكة العنكبوتية بصورة عامة.

الابتعاد يُغذِّي الإشاعة

تتقاطع معظم حالات ضحايا الحسابات المزورة في أن أصحابها الحقيقيين غير منخرطون في عالم المواقع الاجتماعية، إذ أن الانسحاب من هذه الأخيرة وعدم التفاعل والتواصل يُهيئ الأرضية لعدة أشخاص كي ينتحلوا الصفة ويضطلعوا بهذه الأدوار في منحى سلبي ومُدمِّر.

ويرى العديد من خبراء التواصل والباحثين في الوسائط الإجتماعية الإلكترونية أن الشخصيات والأفراد الذين لديهم متابعين في مجال عملهم، يتحتَّم عليهم اقتحام هذه الفضاءات، حتى لا يتركوا الفرصة لآخرين ليعبثون بأسمائهم ويتسلوّن بها.

وما دام لاعبون مثل أمين البورقادي غائبون عن هذه المواقع، فقد يُجبر القدر حارس مرمى الجيش على التبليغ مجددا لدى إدارة فايسبوك من أجل حذف حساب قد ينتحل صفته، كما فعل قبل بضعة أشهر، رغم تشديده على ضرورة وضع إطار قانوني يعاقب المخالفين في هذا الإطار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى