البطولة الاسبانيةالكرة العالمية

إمبراطورية برشلونة على وشك الانهيار…

تراجع أداء إنيستا وسواريز وارتفاع معدل أعمار الفريق الكاتالوني عيوب ظهرت واضحة في دوري الأبطال
إنيستا حزن كثيراً لتوديع دوري الأبطال ولمح إلى أن مباراة روما ربما تكون الأخيرة له – سواريز تراجع مستواه والاعتماد على ميسي وحده لن يجدي
إذا كان برشلونة الإسباني قد تمكن من التعافي من آثار خروجه من دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي أمام يوفنتوس الإيطالي، فليس هناك أي طريقة الآن لتجنب الشعور بالانهيار التام واليأس الشديد بعد هزيمته بثلاثية نظيفة أمام روما الثلاثاء الماضي، وخروجه من دور الثمانية في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم أيضاً. ولم يكن الخروج الموسم الماضي أمام أفضل فريق في إيطاليا وأحد الأندية العملاقة في تاريخ كرة القدم الأوروبية يمثل مشكلة كبيرة، رغم أن برشلونة كان هو الأوفر حظاً للتأهل قبل هذه المواجهة، لكن الخروج هذا الموسم أمام روما كشف عن كثير من المشكلات التي يعاني منها النادي الكاتالوني.

ولا يجب التقليل إطلاقاً من نادي روما الذي مر بمنعطفات صعبة وحقق نتائج رائعة في هذه البطولة، بداية من تصدره لمجموعته في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، على الرغم من وجود فريقين كبيرين إلى جواره، هما أتليتكو مدريد وتشيلسي، ثم التغلب على شاختار دونتسيك الأوكراني في دور الستة عشر، وبعدها الإطاحة بالنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ورفاقه بعد صراع دام لمدة 180 دقيقة. لقد بذل نادي روما، بقيادة مديره الفني المميز أوزيبيو دي فرانشيسكو، أداءً قوياً للغاية، وغادر اللاعبون استاد «الأوليمبيكو» في حالة من النشوة، بعدما نجحوا في العودة من بعيد عقب الهزيمة في «كامب نو» بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، ليفوزوا على النادي الكاتالوني بثلاثية نظيفة، ويتأهلوا للدور نصف النهائي. ويجب أن نشير إلى أن نادي روما لم يستقبل أي هدف على ملعبه في النسخة الحالية من دوري أبطال أوروبا. وبالتالي، سيكون من الغباء على أي منافس قادم أن يقلل من قوة الفريق الإيطالي، ويظن أنه سيكون لقمة سائغة.

ورغم كل ذلك، فإن نادي روما ليس لديه نجوم لامعة وأسماء كبيرة، كما يحتل الفريق المركز الرابع في جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز الذي لم يحصل على لقبه منذ 17 عاماً، كما لم يصل الفريق إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا منذ عام 1984. وفي ضوء هذه المعطيات، لم يكن غريباً أن يشعر برشلونة بسعادة غامرة عندما أوقعته القرعة الشهر الماضي أمام نادي روما في دور الستة عشر، بدلاً من مواجهة أحد الفرق الكبرى في أوروبا؛ وهذا هو السبب في خروج نادي برشلونة من دور الثمانية في دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي!

لقد سافر لاعبو برشلونة إلى إيطاليا لمواجهة روما وهم يؤمنون بأن لديهم أفضلية كبيرة، وبأن الأمور قد حسمت تماماً بعد الفوز المريح على ملعبهم بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، لكن برشلونة ظهر بأداء متواضع للغاية، وتراجع بشدة في نهاية تلك المباراة الشاقة، ولعل الشيء المثير للقلق بالنسبة لبرشلونة يكمن في أن التراجع في الأداء بات واضحاً للغاية، وقد ظهرت مقدماته منذ فترة، وسيظهر بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة. وقد بدأت علامات الخطر تظهر في «كامب نو» عندما رحل النجم البرازيلي نيمار إلى باريس سان جيرمان الصيف الماضي. وخسر الفريق الكاتالوني كأس السوبر الإسباني أمام الغريم التقليدي ريال مدريد، مما جعل جيرارد بيكيه يقول إنه شعر بـ«الضعف» أمام ريال مدريد لأول مرة في مسيرته. ورغم أن برشلونة بات قريباً للغاية من حسم لقب الدوري الإسباني الممتاز، فإن العملاق الكاتالوني، بقيادة إرنستو فالفيردي، لم يقدم أداءً مقنعاً في المعترك الأوروبي.

وحتى الفوز الساحق الذي حققه برشلونة، بنتيجة 4 أهداف مقابل هدف وحيد، على تشيلسي الإنجليزي في مجموع مباراتي الذهاب والعودة في دور الستة عشر، لم يكن مقنعاً، وغطى على كثير من المشكلات، وعلى البطء الواضح الذي عاني منه الفريق. ولكن نجح برشلونة في تجاوز هذا الدور بفضل نجمه الأول ليونيل ميسي واستغلاله لأخطاء «البلوز» وأنطونيو كونتي. ولم يقدم برشلونة، في كثير من الأحيان، أداءً قوياً في مباراة الذهاب أمام روما على ملعب «كامب نو»، لكنه حقق الفوز نتيجة ارتكاب مدافعي روما أنفسهم لأخطاء ساذجة.

في المقابل، ظهر روما قاسياً للغاية، ولم يرحم برشلونة مطلقاً، واستغل نقاط ضعفه على أكمل وجه، وسلط الضوء على عدم التوازن الذي يعاني منه برشلونة، في ظل اعتماده على طريقة 4 – 4 – 2، واعتماده الواضح والمتزايد على ميسي. وظهر برشلونة عاجزاً عن الاختراق من على أطراف الملعب، في ظل عدم تمكن الظهيرين جوردي ألبا ونيلسون سيميدو من التقدم للأمام بسبب الضغط المتواصل عليهما من جانب لاعبي روما.

وجاء الدفع بسيرجي روبرتو كلاعب إضافي في منتصف الملعب ليؤكد على حقيقة أن برشلونة قد فقد الهوية التي كان يتميز بها، ودخل المباراة بقدر كبير من الحذر، في ظل افتقاده للسيطرة على مجريات اللعب، وهو ما لم يكن مفاجأة بالنسبة لكثيرين في حقيقة الأمر. ويجب الإشارة إلى أن أندريس إنيستا، الذي ألمح إلى أن مباراة روما قد تكون الأخيرة له في دوري أبطال أوروبا، قد وصل إلى عامه الثالث والثلاثين، كما أن سيرجيو بوسكيتس في التاسعة والعشرين من عمره، علاوة على أن تشافي هيرنانديز قد رحل عن الفريق قبل 3 سنوات، وهو ما يعني أن عوامل القوة الكبيرة الذي كان يتمتع بها برشلونة في خطوط الفريق قد تحولت إلى نقاط ضعف واضحة وعاجزة عن تقديم الدعم والمساندة لخط الدفاع الذي يعاني من مشكلات كبيرة، وهو ما ظهر في التفوق الواضح لإيدين دزيكو على بيكيه وصامويل أومتيتي. وقال بوسكيتس بعد المباراة: «لم نكن نعرف كيف نرد!».

ويجب أن نشير إلى أن هناك عدة عوامل قد ساهمت في ظهور الفريق بهذا الشكل، منها على سبيل المثال عدم قدرة الفريق على الاستعانة بخدمات لاعبه البرازيلي فيليب كوتينيو في دوري أبطال أوروبا، لأنه سبق أن شارك مع ليفربول في المسابقة نفسها خلال الموسم الحالي، بالإضافة إلى أن عثمان ديمبيلي، الذي تعاقد معه النادي بالأموال التي حصل عليها من صفقة نيمار، لم يظهر بالشكل المطلوب نتيجة تعرضه لإصابة في الفخذ أبعدته عن الفريق لفترة طويلة. ومن السهل أن نتخيل أن الفريق سيصبح أفضل عندما يلعب كوتينيو وديمبلي بشكل منتظم إلى جوار ميسي.

ومع ذلك، ما زالت هناك كثير من علامات الاستفهام حول مستوى مهاجم الفريق الأورغوياني لويس سواريز وقدرته على العودة إلى مستواه القوي. وكان سواريز هو المهاجم الأفضل والأقوى في العالم عندما انتقل إلى برشلونة قادماً من ليفربول عام 2014، وتأقلم بصورة رائعة للغاية مع ميسي ونيمار، بل ونجح بمفرده في بعض الأحيان في تدمير أفضل الدفاعات في أوروبا، لكنه قد وصل إلى عامه الحادي والثلاثين ولم يعد كما كان في السابق. وكان الهدف الذي سجله سواريز في مباراة الذهاب أمام روما هو أول هدف يحرزه في دوري أبطال أوروبا منذ مارس (آذار) 2017، وهو إحصاء مذهل في حقيقة الأمر. وظهر سواريز خلال معظم فترات اللقاء أمام روما يوم الثلاثاء محاصراً بمدافعي روما الذين لم يمنحوه أي مساحة للتهديد المرمى.

وقدم سواريز أداءً سيئاً وباهتاً، ولم يظهر سوى في لقطات قليلة، منها لقطة إضاعته للوقت، ثم فشله في الهروب من المدافعين الذين فرضوا عليه رقابة صارمة. وفي الحقيقة، يقترب سواريز من نهاية مسيرته كأحد أفضل المهاجمين في العالم، وليس وحده من يقترب من تلك النهاية في برشلونة، ولذا يجب الاستغناء عن آخرين إذا كان الفريق يعتزم بداية إمبراطورية جديدة. ويجب تجديد دماء الفريق، كما يجب أن يحصل فالفيردي، الذي تولى قيادة الفريق خلفاً للويس إنريكي الصيف الماضي، على الوقت اللازم للإشراف على مرحلة التجديد، بالنظر إلى أن برشلونة لم يتعرض لأي هزيمة في الدوري الإسباني، وسيلعب المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا أمام إشبيلية نهاية الأسبوع المقبل. ومع ذلك، أصبحت الأسئلة أكثر من الإجابات مع اقتراب الموسم من نهايته، وبالتالي يجب اتخاذ قرارات صعبة لإنقاذ هذا الفريق الذي بدأت تظهر عليه علامات الضعف والوهن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى